القدم على هراة ومشهد (١). وهكذا ورث الشاه الجديد دولة هزتها الفتن الداخلية واقتطع الاعداء الخارجيون من اراضيها. وقد باشر الشاه عباس اموره بنشاط فاعاد في بداية الامر النظام والهدوء إلى الدولة ثم الحق بعد ذلك بالازبيك هزيمة نكراء وبعد ان تم له ذلك توجه نحو العثمانيين فاستطاع في الفترة الواقعة بين ١٦٠٣ و ١٦١٨م ان يستعيد منهم جميع الاراضي التي كانوا قد اخذوها من فارس. وهكذا يبدو مما ذكرنا ان بأس وقوة الدولة الفارسية كانا يزداد بفضل مواهب الشاه عباس المشهورة لا من يوم لاخر بل من ساعة لاخرى ، في القوت الذي كان فيه الانحلال الداخلي في الدولة العثمانية يجري بوتائر سريعة فالى جانب الثورات العديدة باسيا واكثرها جدية عصيان والي حلب الكردي جنبلاط ، كان شغب الجنود في العاصمة نفسها قد بلغ حده الاقصى فالانكشارية الذين كانوا قد عزلوا العديد من السلاطين لم يتورعوا عن قتل عثمان الثاني عام ١٦٢٢م لانهم لم يكونوا راغبين به. وهكذا اصبح الانكشارية حكام الدولة الفعليين واخذوا يتدخلون في جميع شؤون الحكم الداخلية ابتداء من تعيين واقالة الوزراء والولاة وانتهاء بفرض الضرائب والاتاوات الجديدة. وفي عام ١٦٢٢ ثار والي ارضروم اباضة باشا ضد تعسف الانكشارية واعلن انه يريد الانتقام لمقتل السلطان عثمان ثم سار نحو العاصمة مبيداً حاميات الانكشارية المتواجدة في جميع المدن التي وقعت في طريقه الامر الذي ادى إلى اتساع الاضطرابات وشمولها (٢).
في مثل هذا الوضع المضطرب حتى في اقرب الاقاليم إلى العاصمة
__________________
(١) Malcolm; OP. T. II, P. ٣٢١ FF.
(٢) Jorga; OP. Cit; T. IIIS. ٤٤٦.