الاغلب من اصحاب الرسول والمؤمنين من المسلمين بتوزيعه للمناصب العليا في الخلافة على اقربائه. فكان البصريون اول من رفع لواء العصيان ضد صنائع الخليفة الذي كانت شعبيته قد انعدمت وثاروا ضد عاملة الذي لم يستطيع ان يقمع عصيانهم الا بصعوبة.
وبعد عامين من هذه الاحداث أي قبل عام ٦٥٦ م يسجل التاريخ (١) قدوم فصيل من البصريين والكوفيين إلى المدينة نفسها حيث شاركوا بشكل فاعل في العصيان الذي اعقب ذلك وانتهى بمقتل الخليفة عثمان. وهكذا كان سكان المدينتين العراقيتين المذكورتين من بين اولئك المسلمين الذين مزقوا بايديهم تلك الهالة التي كانت حتى ذلك الوقت تحيط بشخص خليفة الرسول (ص). ولم يقتنع المتمردون بذلك وانما لعبوا دوراً بارزاً ايضاً في اختيار بديل للخليفة المقتول اذ كان البصريون قد رشحوا طلحة وهو احد اصحاب الرسول (ص) المقربين في حين رشح الكوفيون الزبير وهو صحابي اخر من اصحاب النبي. اما المصريون فقد رشحوا علياً ابن عم الرسول (ص) وزوج ابنته المحبوبة فاطمة. وبما أن احداً من المرشحين لم يجرؤ على قبول الخلافة من ايدي القتلة خشية ان يتهم بالاشتراك معهم ، فقد كان يمكن ان يطول اختيار الخليفة إلى ما لا نهاية لو لا أن البصريين والكوفيين ، تحولوا إلى جانب علي (ع) فانتهت المسألة لصالحه. لقد وافق علي (ع) على ان يصبح بديلاً لعثمان بشرط أن يعترف به طلحة والزبير اللذين بايعا ، بعد بعض التردد ، علياً وذلك بأن ربتا على يده قليلاً (٢) كما يقتضي بذلك العرف العربي.
__________________
(١) Mannheiem ١٨٤٦), S.٧١٩.) G,Weill, Geschichte der chalifen T.١,
(٢) يقصد صافحاه لان المصافحة هي من متممات البيعة للخليفة. (المترجم).