إلى هناك وكذلك مجموعات الجواري والعبيد الذين كانوا يجلبون كغنائم للحملات في شرق واخيراً للسبيل المتدفق باستمرار من المستوطنين القادمين من شبه جزيرة العرب بحيث بلغ عدد سكان البصرة بعد خمس وثلاثين سنة من تأسيسها ما بين مائة وخمسين ومائتي ألف نسمة. وكان مظهر المدينة الخارجي يتغير ايضاً مع زيادة السكان فيها ، فقد ظهرت فيها أسواق واسعة تحوي صفوفاً من الدكاكين وبنيت المساجد والمدارس الملحقة بها وبدأت الأكواخ المبنية من الطين تتراجع تدريجياً امام البنابات المشيدة من الطابوق.
لقد رافق هذه التغيرات التي جرت في مظهر المدينة الخارجي تغيرات عميقة في الخصائص الروحية لها ، فالبصرة التي تدين بظهورها للعرب ازداد سكانها من الفرس نتيجة استقرار الكثير منهم فيها ، وقد كان لتأثير الفرس الذين استسلموا للسلطة العربية والذين تميزوا بالنفور من الإسلام بدرجة اكبر من ذلك ، انعكاسات خاصة على البصرة بحيث انه لم يحولها إلى بؤرة للتمردات والانتفاضات المعادية للسلطة فقد وانما جعلها مهداً للخلافات التي حصلت في العام الاسلامي ايضاً.
كانت البصرة والكوفة مدينتي العراق الرئيستين قبل ان تظهر بغداد عام ٧٦٢ م ، فقد استطاعتا على الرغم من حداثة تأسيسهما وبعدهما عن مركزي الاسلام آنذاك - مكة والمدينة - ان تلعبا دوراً بارزاً في حياة شبه الجزيرة العربية نفسها وفي الاحداث التي وقعت فيها بحيث كان الخلفاء مضطرين للاصغاء لصوتيهما.
لقد اصبحت المدينتان كلتاهما مسرحاً للنشاط السياسي منذ عهد الخليفة عثمان. فقد اثار هذا الخليفة الذي كان صهراً للنبي ويأتي ترتيبه الثالث بين خلفائه والذي ينتمي إلى البيت الاموي المشهور في مكة ، القسم