استغلال مصاعب الدولة العثمانية في العراق.
وهكذا فاذا ما اكتفت فارس بحقيقة ان جارتها ذات النزعة العسكرية لم تكن تستطيع ان تستغل الازمة التي حلت بفارس لصالحها ، فان رغبة الدولة العثمانية في تجنب المصادمات على حدودها الشرقية كانت شديدة إلى درجة ان السفارة التي ارسلها الازبيك إلى اسطنبول في ١٦٧٨م لدفع الدولة العثمانية إلى الانضمام اليهم في محاربة فارس لم تحقق أي نجاح ، ولهذا فقد ترك العراق وشأنه فبدأت الحركة العربية التي كانت قد هدأت في المنطقة في فترة حكم اسرة سياب في البصرة في الانتعاش مجدداً حين اتضح عزم الباب العالي الاكيد على تتريك (١) هذه المنطقة بواسطة الولاة الذين كانوا يعينون هناك من اسطنبول مباشرة. ولم يكن القوميون العرب يستطيعون الاعتماد على مساندة فارس ومع ذلك فان التفريط بالفرصة المناسبة التي حلت عندما جذب الصراع مع اوربا كل طاقة الحكومة العثمانية ناحية الغرب وابتلع كل قواتها كان بالنسبة لهم امراً اقل مايقل فيه انه لا يغفر ولهذا وجهوا انظارهم نحو الجزيرة العربية التي كان يعيش فيها اخوة لهم. ومن هؤلاء الاخوة استمدت قبائل العراق الغربية قوة جديدة ونهوضاً جديداً للروح المعنوية لمواصلة النضال من اجل استقلالها.
لقد اشتغلت في الحجاز أي في المنطقة التي تقع فيها المدينتان المقدستان مكة والمدينة في ١٦٨٧م اضطرابات اصلها محلي بحت اتخذت بالتدرج شكل انتفاضة ضد السيطرة العثمانية فشاركت فيها جميع القبائل
__________________
(١) يقصد المؤلف بالتتريك هنا عزم الباب العالي على تعيين الولاة من اسطنبول مباشرة وعدم سماحه للعناصر العربية المحلية بتولي هذا المنصب ، وسعيه لفرض هيمنة السلطة المركزية على المنطقة ولا يقصد طبعاً سياسة التتريك المعروفة التي مارسها الاتحاديون قبل الحرب العالمية الاولى مباشرة. (المترجم).