اسرع أحمد باشا بقواته نحو البصرة ولكنه بدلاً من معاقبة سعدون فانه لدهشة الجميع تصالح مع الشيخ المتمرد بعد بضعة صدمات صغيرة مع العرب ، ولم يفعل له شيئاً بل انه لم يجرده من المشيخة ، وكان السبب في مثل هذا التصرف هو ان اخباراً وصلت إلى احمد باشا من اسطنبول مفادها ان اعداءه هناك سعوا لتعيينه «سر عسكر» أي قائداً اعلى للجيش العثماني المتوجه بعيداً إلى الشمال لمجابهة نادر شاه وذلك بعد ان فشلوا في ابعاده عن حكم ولاية بغداد بطريقة اخرى (١). لقد عدّ والي بغداد ابعاده عن العراق الذي جاء مقترناً مع فصل البصرة وجعلها ولاية مستقلة عين لها والياً خاصاً شخص يدعى حسن باشا ، نذيراً للعاصمة التي كانت تتجمع فوق رأسه ولهذا فانه قرر ان يستخدم الشيخ سعدون بمثابة مانعة صواعق وذلك بتخويلة حرية العمل في جنوب العراق.
وقد فسر الشيخ سعدون من جانبه هذا التخويل على انه حق مطلق يسمح له ان ينهب القوافل ويتسولي على البضائع من السفن المارة في الانهار والقنوات ، مما كان يؤدي إلى اعاقة الحركة التجارية ولم يحجم هذا القائد المنتفقي حتى عن طلب مبالغ نقدية كبيرة من التجار الاوروبيين والنقاصل الاجانب في البصرة مهدداً اياهم بنهب ممتلكاتهم وممارسة العنف ضدهم في حالة عدم الاستجابة لمطاليبه. ومع وصول متسلم الوالي الجديد اقام الشيخ سعدون مضاربه عند ابواب المدينة مباشرة وقطع صلتها بالعالم الخارجي. وفي الوقت نفسه بدأ شيخ الحويزة المجاورة الذي كان في الفترة الاخيرة يتذبذب بين الانضمام للدولة العثمانية والعودة إلى سلطة فارس حتى اعترف اخيراً بسيادة نادر شاه ، بدأ يستعد للهجوم على البصرة
__________________
(١) Ibid. p. ١٤٠. FF.