ان فشل حصار الفرس للموصل (١) والاسلوب الدفاعي الذي أعتمده العثمانيون في الحرب ثم الانتفاضات التي قامت في فارس التي انهكتها الحرب اخيراً والتي عمها الاستياء من اتجاهات نادر شاه السنية دفعت هذا الاخير إلى ان يتجنب الصدام الحاسم مع العدو خشية ان تنهار سلطته انهياراً تاماً في حالة الفشل. وقد ادت هذه الظروف مجتمعة إلى ان تتميز العمليات العسكرية بالفتور بل والتردد بحيث لم تقع بين الطرفين معركة حاسمة حتى عام ١٧٤٥م عندما جرت بالقرب من يريفان معركة كبيرة تحطم فيها العثمانيون كلياً. وقد لجأ نادر شاه بالرغم من انتصاره إلى وساطة احمد باشا لعقد معاهدة صلح ، وقد وقعت المعاهدة بالفعل في ١٧٤٦م وجاءت بشكل عام تأكيداً للبنود الرئيسة للمعاهدة السابقة (٢). وبعد مرور ستة اشهر على هذا الصلح أي في حزيران ١٧٤٧م مات نادر شاه مقتولاً ، وفي السنة التالية لحقه إلى القبر صاحبه احمد باشا الذي توفي على ما تذكر المعلومات الرسمية اثر اصابته في اثناء حملة تأديبية كان يقوم بها ضد احدى القبائل الكردية. وهكذا اختفت عن المسرح في القوت نفسه شخصيتان سببتا للدولة العثمانية الكثير من القلق والمخاوف ، ونعني نادر شاه الذي كان يحلم بان يوحد تحت سلطته العالم الاسلامي باسره ولتحقيق ذلك كان يعدّ لازالة الخلافة العثمانية من على وجه الارض ، وحاكم العراق القوي احمد باشا الذي كان الباب العالي على الدوام يرتاب
__________________
(١) كان نادر شاه قد حاصر الموصل ايضاً بقصد احتلالها وقد دام حصاره لها ما يزيد على الاربعين يوماً اضطر بعدها في ٢٢ تشرين الثاني ١٧٤٣م إلى رفع الحصار والانسحاب بسبب المقاومة الباسلة التي ابداها اهالي المدينة. (المترجم).
(٢) De Hammer, OP., Cit, T. III, p. ٥١٢.