اشتغلت في جنوب العراق انتفاضة جديدة قام بها المنتفقون الذين حرضهم في هذه المرة قبودان باشا البصرة أي قائد الاسطول العثماني هناك الذي يعين من اسطنبول مباشرة حيث امل هذا في ان يستولي بمساعدة العرب الثائرين على منصب متسلم البصرة الذي ظل شاغراً بعد نقل سليمان باشا إلى بغداد وبمجرد ان وصل خبر هذه الانتفاضة إلى حاكم بغداد بادر هذا على الفور بمهاجمة المنتفقين فحطمهم تحطيماً تاماً ثم حاصر القبودان باشا نفسه في ضواحي البصرة واجبره على الهرب إلى بندر بوشهر ، فعين سليمان باشا في المدينة التي حررها متسلماً من قبله ثم اخضع لسلطته بالتدريج المناطق الاخرى التي كانت في السابق ضمن ولاية بغداد فاوصل هذه الولاية بهذا الشكل إلى حدودها السابقة (١). ان سعي سليمان بشكل ظاهر في ان يحذو حذو صهره الراحل احمد باشا في كل شيء جعل الباب العالي ينظر بعين الربية إلى القوة المتنامية لحاكم العراق الجديد ، ولهذا كان على هذا الاخير ان يفكر بالوسائل التي تمكنه من البقاء في العراق اطول مدة ممكنة ، وقد اعتقد بان افضل هذه الوسائل هو التدخل في شئون فارس المجاورة سيما وان الصراع السابق على العرش بين مختلف المطالبين به ما زال مستمراً هناك. وهكذا اخذ سليمان باشا يوفر الملجأ لمن يفر من فارس أو يطرد منها من هؤلاء المطالبين بالعرش فلم يلبث ان اجتمع منهم في بغداد عدد لا يستهان به منهم : على مردان خان زعيم البختياريين وقريبه اسماعيل خان حاكم لورستان الذي لم يوفّق في صراعه مع كريم خان الزند وكذلك حسين مرزا الذي ادعى بانه ابن الشاه
__________________
(١) Niebuhr, Op. Cit. T. TT. S. ٣١٦.