وبعد هذا الاقتصاص القاسي من الباشا غير المرغوب فيه اجتمع على الفور «الديوان» وهو مجلس يضم كبار الموظفين واعيان المدينة النافذين وانتخب عمر اغا المذكور اعلاه والياً على بغداد ثم ارسل عمر اغا خبر هذا الاختيار إلى اسطنبول ومعه تهديد بتسليم بغداد إلى الفرس في حالة عدم الموافقة على من اختاره الشعب (١). ولم يجرؤ الباب العالي الذي اخذ عبرة من الدروس السابقة على الرفض ، فارسل إلى عمر اغا في ١٧٦٤ م الفرمان السلطاني الخاص بتعيينه والياً لبغداد. وطبيعي ان يكون اول عمل يقوم به الوالي الجديد هو معاقبة عرب الخزاعل الذين منهم بالاساس كانت تعاني ولايته. وهكذا قصفت الحملة التأديبية التي ارسلت في ١٧٦٥م بلدة لملون (٢) مقر الشيخ حمود الشيخ الرئيس لسكان الاهوار هؤلاء ، لكن الشيخ حمود عاد بمجرد ان غادرت قوات السلطة منطقة الخزاعل فعزل من نصبه عمر باشا الذي اضطر إلى السكوت على ذلك لا بسبب نقص الاموال اللازمة لتجهيز حملة جديدة فحسب وانما وبدرجة اكبر بسبب قيام احداث اكثر جدية في جنوب العراق وهي الاحداث التي تتعلق بالصراع الذي احتدم بين حاكم فارس كريم خان الزند وشيخ قبيلة كعب العربية.
لقد انتقل هؤلاء العرب أي الكعبيون حسب المعلومات التي اوردها كرزن (٣). من الساحل العربي للخليج وسكنوا في اول الامر في الاهوار بالقرب من القرنة حيث اشتغلوا بتربية الجاموس ثم انتقلوا تحت ضغط
__________________
(١) De Hammer, OP. Cit. T. III, p. ٥٧٣.
(٢) لملوم كما تقدم حميد الدراجي.
(٣) G. N. Curzon, Persia and the Persian Question, vol II (London, ١٨٩٢). P. ٣٢٢ FF.