العراق مؤهلاً لحمايتها من تطاولات الوهابيين.
جهز سليمان الكبير تحت تأثير هذه التهديدات حملة ثانية ضد الوهابيين كان ثويني شيخ المنتفقين الذي سبق ذكره من شارك فيها. وقد تقرر في هذه المرة تجاوز الحسا والسير إلى الدرعية مباشرة. ولكن ما ان اصبح جيش بغداد على مسيرة اسبوع من عاصمة امير الوهابيين حتى سقط الشيخ ثويني الملهم الاساس للجيش المهاجم قتيلاً على يد وهابي متعصب. وقد تحول الارتباك الذي ساد المعسكر العثماني بسبب ذلك إلى فزع حقيقي انتهى بالهرب بشكل غير منظم بعد ان قام فرسان الوهابيين بقيادة سعود (١) بالاغارة ليلاً على المعسكر واخذوا يذبحون كل من يقع في ايديهم من الاتراك والعرب دون رحمة (٢). اما الذين نجوا من هذه الواقعة فقد مات اغلبهم في الصحراء من الجوع والعطش أو قتل على يد القبائل البدوية المتحالفة مع الوهابيين. وهكذا باءت محاولة والي بغداد الثانية للقضاء على الوهابيين بفشل اكثر ايلاماً من حملة الاحساء. وقد كانت هذه الحملة الفاشلة على الدرعية اخر اعمال سليمان الكبير في مجال الصراع مع الوهابيين ، اذ لم يلبث بعد بقليل ان توفي في ١٨٠٢ بعد ان حكم العراق لمدة اثنين وعشرين عاماً.
لقد جعل موت سليمان الكبير مسألة اختيار خلف له تقفز إلى الصدارة. ولم يغير اهالي بغداد الذين اعتادوا منذ عهد احمد باشا المشهور على اختيار حكامهم بانفسهم عادتهم هذه في هذه المرة ايضاً. وهكذا ايدت الاغلبية ، على الرغم من احتجاج اغا الانكشارية وبعض الموظفين ،
__________________
(١) يقصد الامير سعود بن عبد العزيز. (المترجم).
(٢) Burckhardt, OP. Cit. Vol. II, P. ١٨٨ - ١٨٩.