المقدستين مكة والمدينة عندما استولوا في نهاية ١٨٠٢ على مكة ونهبوا اغلب الكنوز المحفوظة فيها. ولم يكن لدى الباب العالي في هذه اللحظة الحرجة التي زادت من صعوبتها الاضطرابات الداخلية التي اثارتها الاصطلاحات العسكرية التي قام بها سليم الثالث عندما سعى إلى اصلاح الجيش العثماني وجعله على المنط الاوربي فجابه لذلك معارضة الانكشارية ورجال الدين ، امكانية تركيز جهوده في القضاء على الوهابيين فالقى هذه المهمة على عاتق باشوات دمشق وحلب وجدة المجاورة لشبه جزيرة العرب في الغرب وعلى عاتق والي بغداد في الشرق. ولم يكن حافظ علي يثق بامكانية النجاح في مجابهة الوهابيين بحزم سيما وان الحملة الفاشلة على الاحساء ١٧٦٨ (١) اعطته فرصة للتعرف شخصياً على المصاعب والتعقيدات التي تجابهها مثل هذه المشاريع الحربية ، ولهذا فقد اخذ يتباطأ بالاستعدادات محاولاً ان يؤخر جهد الامكان موعد قيام الجيش العراقي بالحملة.
وفي هذه الاثناء قتل الامير الوهابي عبد العزيز في عام ١٨٠٣ على يد خادمه الفارسي الذي اعتنق الوهابية وحاز على ثقة سيده انتقاماً منه لمقتل الثلاثة في اثناء نهب الوهابيين لمدينة كربلاء. وقد كان لهذه الحادثة نتائج مهمة بالنسبة للعراق ، لان الوهابيين نسبوا الجريمة لتحريض حافظ علي باشا ولذلك فقد كان على حافظ علي هذا ان يتوقع انتقامه من جانب الامير سعد بن عبد العزيز وخليفته وهكذا وجد والي العراق نفسه مضطرباً للاستعداد لا للهجوم وانما للدفاع عن النفس ولحماية المنطقة التابعة له من هجوم حتمي من جانب جحافل الوهابيين. ولم يتأخر الامير سعود كثيراً فقد حاول في السنة ذاتها ان يستولي بغارة ليلية مفاجئة على مدينة الزبير
__________________
(١) تلك الحملة كانت في عام ١٧٩٨م حميد الدراجي.