يخاطر بمواصلة السير إلى الصحراء التي تبدأ بعد هذه المدينة مباشرة. ولم يقض حلول الربيع على تردد الباشا فبقى في الحلة واخذ يرسل فصائل صغيرة كلاً على حدة إلى الصحراء محتجاً يتعذر تأمين الماء والمؤن للجيش اذا واصل سيره بكليته في تلك الاصقاع المقفرة الخالية من الماء وهو الذي صرف سنوات عديدة في جمعه. غير ان حرب الانصار لم تحقق الهدف الذي علق عليها بتاتاً بخصوص الوهابيين الذين عاشوا في الصحراء واعتادوا تماماً على ظروف وطبيعة الحياة فيها ولهذا فقد كانت الافضليات كلها إلى جانبهم حيث كانوا يتجنوبن لقاء الفصائل المعادية التي تفوقهم عدداً بمهارة مشهودة ويبيدون ، دون رحمة ، الوحدات الاصغر من القوات العثمانية. وهكذا ظل جيش العراق يتكبد الخسائر دون جدوى إلى ان قرر حافظ علي باشا بعد ان اقام في الحلة ما يقرب من سنة ، العودة إلى بغداد بقواته التي تقلصت إلى النصف نتيجة لغارات الوهابيين وهكذا انتهت الحملة التي كلفت غالياً والتي علق عليها العالم الاسلامي كله واسع الامال دون نتيجة تذكر.
في هذه الاثناء كان سعود مشغولاً بتثبيت سلطته في الحجاز وهي المنطقة التي تقع فيها المدن المقدسة ، وذلك بعد ان استولى على المدينة في نهاية ١٨٠٤. وقد ادى انتقال المدينة وقبلها مكة إلى الوهابيين إلى زيادة مكان وقوة سعود لدرجةلم يسبق لها مثيل فأمر بان يخطب له في مساجد مكة والمدينة بدلاً من السلطان - الخليفة (١). وفي الوقت نفسه كان الوهابيون قد اوقفوا عملياً قدوم قوافل الحج من مصر وسورية والعراق إلى الديار المقدسة في الحجاز واقتصر الوصول إلى هناك على بعض الحجاج
__________________
(١) Ibid. P. ٦٦ FF.