الجريئين الذين كانوا يسلكون طرق البحر إلى جدة (١). وقد اثار توقف الحج هياجاً مخيفاً بين المسلمين في جميع اصقاع العالم واخذت ترد إلى الباب العالي من كل مكان مطاليب تلح على اتخاذ اجراءات فعالة لطرد الوهابيين من مكة والمدينة. وهكذا اخذ ولاة دمشق وحلب وجدة بامر من اسطنبول ، يستعدون بشكل مكثف للسير ضد الوهابيين اما والي بغداد فقد طلب منه القيام في الوقت المناسب باعمال تخريبية من جهة العراق لتأمين نجاح القوات العثمانية في هجومها على الحجاز. وكان حاكم العراق حافظ علي باشا قد عانى لتوه من مآسي غارة جديدة قام بها الوهابيون الذين دأبوا طيلة ١٨٠٥ على القيام بعدة غارات جريئة قادها عبد الله بن سعود للاستيلاء على النجف والسماوة والزبير ، دون جدوى. ولهذا فلم يكن من الحكمة ان يمتنع صراحة عن المشاركة في الحملة المزمع تجهيزها ولم يستطع الاعتذار عن الانضمام إليها إلا بحجة ضرورة مراقبة الأحداث الكردية والفارسية التي قد تفاقمت في هذا الوقت بالذات.
لقد استطاع فتح علي باشا ثاني ممثل السلالة القاجارية ان يتخلّص حتى بداية القرن التاسع عشر من جميع خصومه وتمكن من ان يخضع حتى خراسان التي كانت ماتزال بيد حفيد نادر شاه. وبعد ان ثبت هذا الشاه اقدامه في العراش ورسخ سلطته في فارس نهائياً اخذ يفكر في استقلال الوضع الصعب الذي كان يعانيه حاكم العراق في صراعه مع الوهابيين. وكانت حجته للتدخل ، النزاعات الحدودية في كردستان التي كانت تؤلف - بسبب تقسيمها نتيجة الغزوات المتقابلة والمعاهدات بين الدولة العثمانية والفارسية - عدداً من المناطق المختلطة ببعضها تقطنها بالاساس القبائل
__________________
(١) Durckhardt. OP. Cit. vol. IIP. ٢٠٠ FF.