يستبدل محمود باشا باخيه الاصغر وتحرك على راس جيشه إلى كردستان لكي ينصب صنيعته هذا حاكماً على السليمانية ، غير اننه اضطر إلى ان يعود ادراجه وهو في منتصف الطريق اليها لان اخباراً وصلته مفادها ان الفرس قد حشدوا في ضواحي السليمانية قوات كبيرة تفوق جيشه عدداً.
لقد عزا داود باشا فشله هذا إلى تأثير مقيم شركة الهند الشرقية الانجليزية في بغداد ريتش الذي كان في هذا الوقت بالذات يحل ضيفاً على صديقه الكبير محمود باشا في كردستان (١). وقد اتهم داود باشا ريتش امام البابا العالي بتحريض الاكراد على المتمرد وبادر إلى الدخول في صراع معه دون ان ينتظر تعليمات من العاصمة بهذا الخصوص.
لقد أنصبّ استياء الباشا على من يتمتع بالحماية الانجليزية من التجار المحليين فبدأ يضايقهم بكل السبل في عملياتهم التجارية ، بحجة انهم يتمتعون بامتيازات استثنائية بالمقارنة مع بقية التجار من الاهالي. وقد اصبح وضع هؤلاء الذين يحميهم الانجليز في البصرة وبغداد لايطاق حتى ان كثيرا منهم فضلوا التوقف مؤقتاً عن ممارسة أي نشاط تجاري في العراق (٢). عند ذلك قرر وكيل شركة الهند الشرقية اتخاذ تدابير متطرفة لانهاء هذا الوضع الشاذ فعمد إلى تعزيز وسائل الدفاع في داره فصد كل هجوم غير متوقع من جانب الباشا ثم امر بادخال السفن الحربية التابعة للشركة إلى النهر فقطعت هذه السفن أي اتصال بين البصرة وبغداد (٣). ورد
__________________
(١) I bid. Vol II P. ١٧٩, vol. l foot note P. ٦٩.
(٢) Aitchison, OP. Cit. vol. XIP. ٢ - ٣.
(٣) V. Fontanier, voyage dans I Inde et dans le Golf (Persique) T. l. Paris ١٨٤٤, P. ١٦٧.