ولم يكن لهذا التحدي الذي مارسه داود باشا تجاه رعايا الشاه الا ان يؤدي إلى القطيعة مع فارس سيما وان فتح علي شاه نفسه كان يبحث عن حجة لكي يختبر قواته الجديدة التي دربها على انمط الاوربي في حرب مع العثمانيين مستغلاً حقيقة ان الانتفاضة القائمة في اليونان والتعقيدات في ولاكيا وملدافيا كانت تشل يد الدولة العثمانية وتمنعها عن ابداء اي اسناد فعال لباشا بغداد. وكانت الدعاية الفارسية في شمال العراق تنطلق من كرمنشاه. اما بالنسبة لجنوب العراق فقد كان مركز الدعاية للنفوذ الفارسي هو مدينة الحويزة وقد استوطن حولها ما يقرب من ٠٠٠ر٢٠٠ نسمة من بني لام الذين كانوا ما يزالون حتى بدايت القرن الثامن عشر يمارسون حياة التنقل. وقد تبعهم في ١٨١٢ نفس العدد من المنتفقين ، الذين ظلوا بالطبع على صلة وثيقة مع اقربائهم في العراق.
لقد أدرك داود باشا تمام الادراك الاخطار التي سيواجهها في اثناء صراعه المقبل مع الشاه فقد باشر قبيل اعلان الحرب بحل قضية العرب بما يتصف به من نشاط ، فعمل اولاً على زرع العداوة بين المنتفقين وذلك باستبدال الشيخ حمود الثامر ، الذي اصبح على درجة كبيرة من القوة باحد انصاره من اقرباء ذلك الشيخ وهو شخص يدعى عجيل. غير ان انصار الشيخ المقال رفضوا الاعتراف بعجيل هذا وهبوا للدفاع عن حمود الثامر بقوة السلاح. وقد استغل داود باشا هذه الحرب التي يقاتل فيها الاخ اخاه فاختطف الشيخ المقال واخاه واعدمهما فقضى ذلك قضاء تاماً تجاههم السياسة نفسها حيث عزل في ايار ١٨٢١ شيخهم عرار (١). وقد اسرع هذا بالذهاب إلى الامير حاكم كرمنشاه الذي عزم على اعادته إلى منصبه
__________________
(١) Ritter, OP. Cit. T. VII Abt Iis. ١٠٠٢.