الترسانة في بغداد قد عين في منصب قبو دان البصرة ولكنه لم ينسجم مع متسلمها وهو شقيق داود باشا فهرب إلى فارس وبعد مصاعب مختلفة ومعاناة كثيرة وصل إلى مكة ثم غادرها خفية إلى اسطنبول فوصلها في ١٨٣٠ واطلع الباب العالي على ما يضمره داود باشا من نية في ان يصبح حاكماً للعراق وكل ما بين النهرين مستقلاً عن الدولة العثمانية على غرار محمد علي حاكم مصر (١).
كان ذلك سبباً دفع الباب العالي إلى منح حكم بغداد لوالي حلب علي رضا باشا الذي كان يتطلع إلى هذا المنصب منذ وقت طويل مخولاً اياه في الوقت نفسه الحرية التامة في العمل على عزل داود باشا. وكان هذا يعي تماماً عدم قدرته لوحده على التخلص من حاكم العراق القوي ، ولهذا فانه لم يتقدم إلى ابعد من الوصول وظل في هذه المدينة لكي يحصل على اسناد واليها ومن اجل ان يجذب إلى صفه الشيخ صفوك شيخ قبيلة شمر جربة القوية التي كانت تنتقل في المنطقة الواقعة إلى الشمال من بغداد (٢). وبعد ان سمع داود باشا باقتراب الوالي الذي سيحل محله قرر ان ينتظره في بغداد ولهذا فانه لم يفعل شيئاً عدا ارساله لجيش تعداده ثلاثون الف مقاتل إلى الشمال من العاصمة لكي يمنع شمر من الانضمام إلى جيش علي رضا باشا (٣). كما انه استعد بعناية لمجابهة العدو بحزم مكتلاً حوله كثيراً من العراقيين ولا سيما المنتفقين بحيث ان النصر اصبح مضموناً له تماماً. غير ان سوء حظه قضى بان يحصل في العراق وفي آن واحد عدد
__________________
(١) Fontanier, OP. Cit. T. ١, PP. ١٢٨ - ١٣٣.
(٢) Fraser, OP. Cit. vol. ١ P. ٢٦١.
(٣) Wellsted, OP. Cit. vol. ١, P. ٢٥٢.