ومما زاد من الصعوبة الوضع الذي كان والي العراق علي رضا باشا يعاني منه القبائل المحلية التي لم تعد تمسك بها يد داود باشا القوية وجيشه النظامي تحركت مجدداً واخذت تستعد كعادتها لتصفية الحساب مع حاكم بغداد الجديد ، وكان علي رضا باشا لسوء حظه قد اثار ضده عندما كان يتقدم باتجاه بغداد ، المنتفقيين وذلك بتحالفه مع اعداهم الالداء شمر جربة. ولهذا فقد تحتم على الباشا ان يهتم قبل كل شيء بالمنتفقين وشيخهم عجيل الذي نصبه داود باشا وهدفه ان يتلافى جهد الامكان مظاهر العداء الصريح من جانبهم. وقد لجأ في ذلك إلى استخدام نفس التكتيك الذي اعتمده حيث بادر إلى استغلال هروب الاخ الاكبر لعجيل وكان داود باشا يحتفظ به شبه سجين في بغداد ، ولجوئه والطاعون في ذروته إلى معسكر علي رضا باشا فساعده على ان يكوّن لنفسه بين المنتفقين حزباً قوياً يستطيع به ان ينازع اخاه السلطة بقوة السلاح. وهكذا وقعت المعركة الحاسمة بين انصار الاخوين بالقرب من اطلال واسط على شط الحي وكان النصر فيها قد مال في البداية نحو عجيل ولكنه لم يلبث ان تحول إلى اخيه بسبب اصابة الفرس التي كان يركبها عجيل بجرح ادى إلى سقوطها فعجل فرسان الاعداء بطعنه برماحهم (١). وقد افضى موت عجيل إلى نشوب نزاعات داخلية جديدة بين المنتفقيين فادى ذلك إلى انشغالها بنزاعاتهم وخلافاتهم الداخلية هذه عن القيام بنشاط معادٍ للباشا وعن المشاركة في الاضطرابات العامة التي شملت العراق.
كان المسؤول عن هذه الاضطرابات قبيلة شمر جربة وشيخهم صفوك ، فقد اخذوا يطالبون علي رضا باشا بالمكافآت والامتيازات
__________________
(١) Wellsted; OP. Cit. vol. ١, p. ١٩٩ - ٢٠٠.