غارات ماحقة بقيادة نافع بن الازرق الذي عرفناه سابقاً على ضواحي البصرة مهلكين دون رحمة كل من يرفض الاعتراف بمذهبهم. ولم تصادف اعمالهم هذه أي رد تقريباً من حامية البصرة التي كان نصفها من الذين يشاركونهم في المعتقد حتى بدا ان خضوع جنوب العراق للخوارج اصبح مجرد مسألة وقت لا اكثر. لكن المنطقة استطاعت تجنب هذا المصير بسبب الانشقاق الذي حدث في صفوف الخوارج من جهة الانتصارات التي احرزها عليهم المهلب بن ابي صفرة من جهة اخرى.
كان السبب في الانشقاق هو عدم موافقة الخوارج المعتدلين على وجهات نظر احد قادة الخوارج وهو نافع بن الازرق الذي كان يرى بانه لاينبغي الاكتفاء بقتل البالغين من المارضين لتعاليم الخوارج وانما يتحتم ان يشمل القتل ذريتهم ايضاً ، في حين كان زعيم المعتدلين نحدة بن عامر الحنفي يرى ان يرحم الاطفال ، فانسحب دون ان يصطدم بالاغلبية واستقر في موطنه في وسط شبه جزيرة العرب فتكون بذلك بهذه الشاكلة وكرخارجي جديد هناك. ولم يلبث نافع القاسي ان قتل في احد الاشتباكات مع البصريين ولم يستطع خلفه ابن ماحوز ان ينجز الاستيلاء على جنوب العراق ذلك ان الخوارج الذين عرفوا منذ ان حدث الانشقاق بـ «الازارقة» صادفوا خصماً جديراً بالاعتبار هو القائد العسكري المشهور المهلب بن ابي صفرة الذي كان قد تميز في ضواحي سمرقند واشتهر بغاراته على البنجاب.
كانت مشاركة المهلب بن ابي صفرة في الحرب ضد الخوارج بالصدفة. فهو ينتمي إلى الازد وكان قد عاد من خرسان إلى البصرة لكي يقضي اجازته عند اسرته على امل ان يرتاح بين اقاربه بعد حياة القلق والحرمان المتواصل التي عاشها اثناء القتال على حدود الخلافة الشرقية.