الا بعد افتتاح قناة السويس التي قلّلت من اجور الشحن البحري إلى درجة ان تلك الاجور لم تعد تشكل عبءاً حتى بالنسبة إلى منتجات الزراعة الرخيصة. وهكذا وجدت هذه المنتجات الزراعية التي لم تكن تباع قبل الان الا في الهند ، طلباً عليها في بريطانيا نفسها حيث اصبحت لندن سوقاً مركزية للصادرات العراقية ولم تجد من ينافسها في هذا المجال سوى مرسيليا رغم ان هذه المنافسة لم تكن كبيرة. وهناك الكثير من الاسباب التي ساعدت على ان تتبوأ لندن هذه المكانة الاستثنائية ، أو لها ان خطوط البواخر الملاحية المباشرة كانت تربط العراق الجنوبي بعاصمة بريطانيا ومرسيليا في المقام الاول ، فضلاً عن ذلك فأن اول الشركات الاوربية التي استقرت في العراق كانت شركات انجليزية ، لهذا فأنها عندما تشارك في التصدير توجهه إلى سوقها الوطني بالدرجة الاولى.
ومن الناحية الاخرى كانت البيوت التجارية الكثيرة العدد من مسيحي ويهود بغداد التي استقرت في لندن ومرسيليا بعد حفر قناة السويس مباشرة واصبحت وسطاء حقيقيين بين التجار العراقيين وتجار الجملة هناك ، تساعد على توجيه الصادرات العراقية إلى الاسواق الاوربية المذكورة. وهكذا اصبحت لندن وجزئياً مرسيليا ايضاص مركزين عالميين لتوزيع خامات العراق التي اصبحت اسعارها في الاسواق الاوربية والامريكية تعتمد كلياً على بورصة لندن. وابتداءً من مفتتح القرن العشرين لوحظ ان بعض الدول الاوربية المهتمة بالصادرات العراقية اخذت تسعى للتخلص من وساطة لندن وقد جاءت الخطوة الحاسمة الاولى في هذا الاتجاه من المانيا التي اقامت منذ ١٩٠٦ خطاً مباشراً للسفن التجارية بين البصرة وهامبورغ فمكنت بذلك اصحاب المصانع الألمان من أقامة صلات مباشرة مع منطقة الانتاج في العراق. ومع ذلك فقد ظل التفوق في التصدير