الملك النزاع بين القبائل العربية الشمالية والجنوبية القاطنة في الشام إلى درجة ان اليمانيين ـ الجنوبيين قتلوا الخليفة المذكور وكان صنيعة للشماليين ونصبوا بدلاً منه يزيد الثالث حفيد عبد الملك غير ان الشماليين لم يعترفوا بيزيد هذا ودخلوا مع خصومهم في صراع مرير إلى ان تمكنوا من التوصل إلى الاعتراف بخلافة مرشحهم ابن عم هشام ويعني مروان الثاني (٧٧٤ ـ ٧٥٠م).
كان العراق في هذه الاثناء قد ثار باجمعه ، فلقد استطاع اتباع العباسيين ان يثيروا الناس ضد الامويين في البصرة حتى ان عاملها لم يستطيع ان يقمع العصيان الا بصعوبة بالغة. ثم ثار الخوارج بقيادة الضحاك بن قيس الذي احتل البصرة والكوفة ثم اخذ يستعد لبسط سلطانه على العراق باجمعه. ولم تكد قوات مروان الثاني تقضي على الخارجي الخطر حتى اشعل الشيعة في الكوفة اضطرابات جديدة تطلب اخمادها جهوداً غير قليلة. ومع كل ذلك لم تكن هذه الحركات الا مقدمة للعاصفة التي كانت تزحف على الخليفة الاموي الاخير من خرسان حيث كانت تتركز خيوط المحاولة العباسية في ايدي احفاد العباس الاخوة الثلاث وهم ابراهيم وابو العباس وابو جعفر.
ان اعتقال مروان الثاني لابراهيم اكبر هؤلاء الاخوة وموت هذا الاخير في الحبس بعد ذلك بقليل لم يدرأ الكارثة. ففي الذي اضطر فيه عامل خرسان المخلص للامويين نصر بن سيار إلى تركيز اهتمامه على قمع تمرد القوات اليمانية التي اثارها الدعاة العباسيون متقصدين رفع ابو مسلم الفارسي (١) النشط الذي لا يكل واليد اليمنى للعباسين راية الثورة في
__________________
(١) لقبه الخراساني وللمؤلف غرض لا يخفى من تركيزه على هذا الوصف. (حميد الدراجي).