يتسلمون الاقمشة الشتوية في بداية حرارة الصيف الامر الذي يضطرهم إلى خزن الجوخ والمنسوجات الصيفية التي تسلموها فورا في المستودعات. يضاف إلى ذلك ان عدم ايصال البضائع في وقتها المناسب غالباً ما كان يؤدي إلى عدم سد احتياجات سكان القرى والمستوطنات الذين اعتادوا على ان يجهزوا انفسهم بمؤونة الشتاء من البضائع المستوردة بعد جمع الحاصل وبيعه في اواخر الخريف. من ذلك يظهر إلى أي مدى كانت تجارة الاستيراد تعاني من عدم كفاية وسائل النقل في نهر دجلة علما ان السفن الشراعية لم يكن بمقدورها المساعدة في هذا الامر لان شركات التأمين كانت ترفض التأمين على البضائع التي تنقل عليها مما جعل النقل بواسطة السفن الشراعية يقتصر على الاشياء الكبيرة الحجم والقليلة القيمة كالفحم وخامات المعادن وما اشبه. اما عن اجور الشحن فان حركة البضائع الواسعة وانعدام المنافسة جعل الشركتين النهريتين كلتيهما لا تجدان حرجاً في ان تأخذ مقابل نقل البضاعة من البصرة إلى بغداد نفس المبلغ تقريباً الذي يكلفه نقلها من لندن إلى البصرة مثلاً بالرغم من الاختلاف الكبير في المسافة. ففي الوقت الذي كان فيه معدل كلفة نقل الطن الواحد من البضاعة من لندن إلى البصرة هو جنيهاً استيرالينياً واحداً و ١٥ شلناً بما في ذلك مصاريف التفريغ في البصرة ، كان معدل اجرة نقل الطن الواحد من البصرة إلى بغداد جنيهاً استرلينياً واحداً و ١٢ شلناً.
كانت الخطوات الاولى باتجاه تحسين وضع الملاحة النهرية غير الطبيعي قد اتخذت من قبل «اراضي السنية» أي ادارة الضياع السلطانية التي انتقلت اليها في بداية القرن العشرين ملكية شركة الملاحة البخارية العثمانية «عماني عصماني» او «اومان أو اوتومان» كما ينطقها الاوربيون. لقد ابدلت هذه الارادة اسم الشركة إلى «حميدية» وقررت ان تبدأ بتجديد