(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) (١) ؛ أي : آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم ، (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) (٣) فهم لا يؤمنون وعلى ذلك ماتوا كلّهم.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) ؛ يريد : خشب ؛ أي : صورة بلا روح ؛ أي : بلا إيمان بقلوب.
قوله ـ تعالى ـ : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) لما في قلوبهم من الكفر والنّفاق والخوف والرّعب من المؤمنين ، بأن يظهر الله ـ تعالى ـ ذلك من حالهم لهم.
قوله ـ تعالى ـ : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٤) ؛ [أي : يكذّبون] (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) ؛ أي : عطفوها وأمالوها استهزاء.
قوله ـ تعالى ـ : (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٥) ؛ أي : يعرضون مع تكبّرهم.
وكانوا قد سألوا النّبيّ ـ عليه السّلام ـ أن يستغفر لهم ، فوعدهم بذلك.
فنزل قوله ـ تعالى ـ : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فترك الاستغفار وقطع على (٣) أنّهم لا يؤمنون.
وقيل : إنّ هذه الآية نزلت في عقبة (٤) هر شى في المنافقين (٥). والخبر بذلك
__________________
(١) م زيادة : فطبع.
(٢) ليس في أ.
(٣) ليس في ب.
(٤) ب زيادة : بن.
(٥) ب : المنافق بدل في المنافقين.+ لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر ولكن قال علي بن إبراهيم إنّها نزلت لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى المدينة ومرض عبد الله بن أبي وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا فجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وأبوه يجود بنفسه فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمّي إنّك ان لم تأت أبي كان ذلك عارا علينا فدخل إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله والمنافقون عنده ، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله يا رسول الله استغفر له فاستغفر له فقال الثاني ألم ينهك الله يا رسول الله ان تصلّي عليهم او تستغفر له فاعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله فاعاد عليه فقال له ويلك إنّى خيرت فاخترت ان الله يقول (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ). تفسير القمّيّ ١ / ٣٠٢ نعم نزل فيهم قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) [التوبة (٩) / ٧٤] كما قال القمّي في تفسيره ١ / ٣٠١.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٦)