احبب : على وزن افعل ، فصارت هذه هي غاية المدحة له ، وإذا كان الله تعالى يريد قربه ورفعته وتعظيمه زيادة على كافة خلقه تعالى ، فقد ثبتت مزيته على ساير الخلق بدليل ثابت وهو سؤال النبي صلى الله عليه وآله لذلك ، وإذا كان احب خلق الله تعالى إليه ، وجب الاقتداء به دون غيره وهو غايه التنويه بذكره ودعاء الخلق إلى اتباعه ، وفى هذه المدحة ايضا ، قطع النظارة له ، لانه إذا كان احب خلق الله تعالى إليه ، فلا مماثل له في ذلك الا النبي صلى الله عليه وآله لان النبي صلى الله عليه وآله خارج من هذه الدعوة ، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله حين رآه : اللهم والى.
وفى الخبر الاخر يقول صلى الله عليه وآله : «اليك والى رسولك» فثبت ان السؤال لمن عداه لان لا يعترض معترض على هذا الكلام : ومن كان احب خلق الله تعالى إليه واحب خلق الله تعالى إلى رسوله ، فقد عدم نظيره ، ووجب تفرده بعلو المنزلة عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله.
[قال] الفرزدق أبو فراس.
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم |
|
أو قيل من خير خلق الله قيل هم |
لا يستطيع جواد بعد غايتهم |
|
ولا يدانيهم خلق وإن كرموا (١) |
الفصل الثاني والثلاثون
في ذكر قضاياه في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده
٣٩٢ ـ من مسند ابن حنبل وبالاسناد المقدم قال : حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن الحسن ، قال : حدثنا مالك بن سليمان : أبو انس الانصاري ، قال : حدثنا اسماعيل بن عياش حدثنى صفوان بن عمرو ، عن حميد بن
__________________
(١) الفرزدق : هو الشاعر همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية ... التميمي المعروف بالفرزدق ويكنى أبو فراس وهذان البيتان من قصيدته المعروفة التي يمدح بها الامام السجاد (عليه السلام) أمام هشام بن عبد الملك مطلعة :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيت يعرفه والحل والحرم |