مِنْ شَيْءٍ) (١) وقوله (فَتَكُونَ) جواب لقوله (وَلا تَطْرُدِ) لا أحد هو جواب نفي والله جواب النهي (مِنَ الظَّالِمِينَ) من الضارين لنفسك بالمعصية والنفس الطرد في غير موضعه (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) التعريف الوضيع والعرفي بالمولى والغني الآية (لِيَقُولُوا) يعني الأشراف الأغنياء (أَهؤُلاءِ) يعني الفقراء والضعفاء (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) قال الكلبي : كان الشريف إذا نظر إلى الوضيع قد آمن قبله حمى أنفا أن يسلم ويقول : سبقني هذا بالإسلام فلا يسلم (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) يعني المؤمنين وهذا جواب لقوله (أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) وقيل : أليس الله أعلم بالشاكرين ، من يشكر على الإسلام إذا هديته له.
العلاء بن بشير عن أبي بكر الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : كنت في عصابة فيها ضعفاء المهاجرين ، وإن بعضهم يستر بعضا من العري وقارئ يقرأ علينا ونحن نستمع إلى قراءته فقال النبي صلىاللهعليهوسلم حتى قام علينا فلما رأى القارئ سكت ، فسلم وقال : ما كنتم تصنعون؟ قلنا : يا رسول الله كان قارئ يقرأ علينا ونحن نستمع إلى قراءته ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ثم جلس وسطنا ليعدل نفسه فينا ثم قال هكذا بيده هكذا ، فحلق القوم وبرزت وجوههم فلم يعرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهم أحدا وكانوا ضعفاء المهاجرين. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أبشروا صعاليك المهاجرين بالفوز التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء المؤمنين بنصف يوم مقداره خمس مائة سنة» [١٣٦] (٢).
هشام بن سليمان عن أبي يزيد الرقاشي عن أنس قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا معشر الفقراء إن الله رضي لي أن أتأسى بمجالسكم وأن الله معنا فقال : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) فإنها مجالس الأنبياء قبلكم والصالحين» [١٣٧] (٣).
معاوية بن مرّة عن عائذ بن عمرو : أن سلمانا وصهيبا وبلالا كانوا قعدوا فمر بهم أبو سفيان فقالوا له : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها بعد. فقال لهم أبو بكر رضياللهعنه : تقولون هذا لشيخ قريش وسيّدها ثم أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا أبا بكر لعلك أغضبتهم إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك» فوقع أبو بكر فيهم فقال : لعلي أغضبتكم؟ قالوا : لا يا أبا بكر يغفر الله لك (٤).
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) اختلفوا فيما نزلت هذه الآية.
فقال عكرمة : نزلت في الذين نهى الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوسلم عن طردهم وكان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام وقال :
__________________
(١) سورة الأنعام ، ٥٢.
(٢) تهذيب الكمال : ٢٢ / ٤٧٨.
(٣) كنز العمال : ٦ / ٤٨٤ ح ١٦٦٥٤.
(٤) سنن النسائي : ٥ / ٧٥ ح ٨٢٧٧.