من يجعل الله عليه إصبعا |
|
في الشر أو في الخير يلقه معا |
فالإصبع أيضا في اللغة الإصبع.
فمعنى الحديث بين مملكتين من ممالكه ، وبين الإزاغة والإقامة والتوفيق والخذلان.
قال الشاعر :
حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن |
|
للغدر خائنة مغل الإصبع (١) |
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً) أي اختبار وبلاء يصيبكم.
وقال ابن زيد : الفتنة الضلالة (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) واختلفوا في وجه قوله (لا تُصِيبَنَ) من الاعراب.
فقال أهل البصرة : قوله (لا تُصِيبَنَّ) ليس بجواب ولكنّه نهي بعد أمره ، ولو كان جوابا ما دخلت النون.
وقال أهل الكوفة : أمرهم ثمّ نهاهم وفيه تأويل الجزاء فإن كان نهيا كقوله : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ) (٢). أمرهم ثمّ نهاهم ، وفيه تأويل الجزاء وتقديره : واتقوا الله إن لم تنتهوا أصابتكم.
وقال الكسائي : وقعت النون في الجر بمكان التحذير ، فلو قلت : قم لا أغضب عليك لم يكن فيه النون لأنّه جزاء محض.
وقال الفراء : هو جزاء فيه طرف من النهي كما تقول : أنزل عن الدابة لا يطرحك. ولا يطرحنك فهذا [جزاء من] الأمر بلفظ النهي. ومعناه : إن تنزل عنه لا يطرحنّك.
قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم خاصة. وقال : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب.
وقال الحسن : نزلت في عليّ وعمار وطلحة والزبير قال الزبير بن العوّام : يوم الجمل لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما أرنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها.
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً). فحلفنا حتّى أصابتنا خاصّة. قال السدي : هذه الآية نزلت في أهل بدر خاصّة فأصابتهم يوم الجمل فأقبلوا.
وقال عبد الله بن مسعود ما منكم من أحد إلّا هو مشتمل على الفتنة إنّ الله يقول : (أَنَّما
__________________
(١) البيت أنشده أبو عبيد للكلابي كما في اللسان : ١٣ / ١٤٤ ، وتاج العروس : ٩ / ١٩٤.
(٢) سورة النمل : ١٨.