وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا لله نعمه ، فإن ربكم منعم يجب الشكر له [وأجمل] الشكر في مزيد من الله تعالى.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠) وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)
قال عطاء ابن أبي رباح : حدّثني جابر بن عبد الله أن أبا سفيان خرج من مكّة فأتى جبرئيل عليهالسلام النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا» [٢٢٩] قال : فكتب رجلا من المنافقين إليه أن محمدا يريدكم فخذوا حذركم فأنزل الله تعالى الآية (١).
وقال السدي : كانوا يسمعون الشيء من النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيفشونه حتّى بلغ المشركين.
وقال الزهري والكلبي : نزلت هذه الآية في أبي لبابة واسم أبي لبابة هارون بن عبد المنذر الأنصاري من بني عوف بن مالك وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا رسول الله الصلح على ما صالح عليه إخوانهم بني النظير على أن يسيروا الى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام فأبى أن يعطيهم ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأبوا وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر وكان مناصحا لهم ، لأن عياله وماله وولده كانت عندهم فبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتاهم فقالوا : يا أبا لبابة ما ترى أنزل على حكم سعد بن معاذ فأشار أبو لبابة بيده إلى طقه أنّه الذبح فلا تفعلوا.
قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أن قد خنت الله والرسول فلمّا نزلت هذه الآية شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتّى أموت أو يتوب الله عليّ فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتّى خرّ مغميّا عليه ثمّ تاب الله عليه ، فقيل له : يا أبا لبابة قد تبت عليك.
قال : لا والله لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يحلّني فجاءه فحله بيده ، ثمّ قال أبو لبابة : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب. وأن أنخلع من
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٩ ٢٩١.