وجل ، وكان عبيد بن عميرة يقرأ جبرإلّ بالتشديد (١) ، يعني عبد الله ، وفي الخبر أنّ ناسا قدموا على أبي بكر الصديق رضياللهعنه من قوم المسلمين فاستقرأهم أبو بكر كتاب مسيلمة فقرأوا ، فقال أبو بكر : إن هذا الكلام لم يخرج من إلّ.
والدليل على هذا التأويل قراءة عكرمة : لا يرقبون في مؤمن ايلا ، بالياء يعني بالله عزوجل مثل جبرئيل وميكائيل (وَلا ذِمَّةً) عهدا وجمعها ذمم ، وقيل : تذمما ممن لا عهد له (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) يعطونكم ويرونكم بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم مثل قول المنافقين (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) الإيمان (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) ناكثون ناقضون كافرون.
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) وذلك أنّهم نقضوا العهد الذي بينهم وبين الرسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا أطعمهم أبو سفيان بن حرب ، وقال مجاهد : أطعم أبو سفيان حلفا وترك حلف محمد صلىاللهعليهوسلم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) فمنعوا الناس عن دينه وعن الدخول فيه ، قال عطاء كان أبو سفيان يعطي الناقة والطعام ليصدّ الناس بذلك عن متابعة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقال ابن عباس : وذلك أن أهل الطائف أمدّوهم بالأموال ليقوّوهم على حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعداوته.
(إِنَّهُمْ ساءَ) بئس (ما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) يقول : لا تبقوا عليهم أيّها المؤمنون كما لا يبقون عليكم لو ظهروا عليكم (٢).
(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) بنقض العهد (فَإِنْ تابُوا) من الشرك (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) يعني فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) لهم ما لكم وعليهم ما عليكم (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) قال ابن عباس : حرّمت هذه الآية دماء أهل القبلة.
وقال ابن زيد : افترض الصلاة والزكاة جميعا ولم يفرق بينهما ، وأبي أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة ، وقال : يرحم الله أبا بكر فكان ما أفقهه ، وقال ابن مسعود : أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزكّ لا صلاة له.
(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ
__________________
(١) أي اللام المشددة ومرادة : (جبر) وهو عبد ، و (إل) هو الله.
(٢) تفسير الطبري : ١٠ / ١١٢.