فلما رأى الناس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ردّ قالوا يا نبي الله رضينا وسلّمنا ، فقال النبي : لا أدري لعلّ منكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إليه فرفعت إلينا العرفاء أن قد رضوا وسلّموا ، وردوا جميعا غير رجل واحد وهو صفوان بن أميّة لأنه وقع على امرأت أصابها فحبلت منه (١).
فأنزل الله (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) حتى قلتم : لن نغلب اليوم من قلّة (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ) كثرتكم (شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أي برحبها وسعتها وهما المصدر (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) منهزمين (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ) بعد الهزيمة (سَكِينَتَهُ) يعني الأمنة والطمأنينة وهي فعيلة من السكون (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) يعني الملائكة (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والأسر وسلب الأموال (وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) فيهديه إلى الإسلام ولا يؤاخذه بما سلف (وَاللهُ غَفُورٌ) لعباده المؤمنين (رَحِيمٌ) بهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩) وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) قال الضحاك وأبو عبيدة : قذر ، وقال ابن الأنباري : خبيث يقال : رجل نجس وامرأة نجس ورجلين وامرأتان نجس ورجال ونساء نجس بفتح النون والجيم أو نجس بضم الجيم ورجس في هذه الأحوال لا يثنّى ولا يجمع لأنّه مصدر ، وأما النجس بكسر النون وجزم الجيم فلا يقال إلا إذا قيل معه رجس ، فإذا أفرد قيل : نجس بفتح النون وكسر الجيم أو نجس بضم الجيم.
وقرأ ابن السميقع : إنما المشركون أنجاس ، كقولك أخباث على الجمع ، واختلفوا في
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٠ / ١٣١.