روى شعبة عن أبي إسحاق عن رجل من مراد عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أنه قرأها : لَقَدْ عَلِمْتُ برفع التاء وقال : والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي علم ، قال : فبلّغت ابن عباس فقال : إنها (لَقَدْ عَلِمْتَ) تصديقا لقوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ).
قال أبو عبيد : والمأخوذ عندنا نصب التاء ، وهو أصح من المعنى الذي احتجّ به ابن عباس ، ولأن موسى عليهالسلام لا يحتج بأن يقول علمت أنا وهو الرسول الداعي ، ولو كان مع هذا كلّه تصح تلك القراءة [عن علي] لكانت حجة ، ولكنها ليست تثبت عنه إنما هي عن رجل مجهول ، ولا نعلم أحدا من القرّاء تمسك بها غير الكسائي ، والرجل المرادي الذي روى عنه أبو إسحاق هو كلثوم المرادي (١).
(ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) الآيات التسع (إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) جمع بصيرة (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) قال ابن عباس : يعني ملعونا ، مجاهد : هالكا ، قتادة : مهلكا (٢).
وروى عيسى بن موسى عن عطية العوفي في قوله : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) قال : مبدّلا (٣) ، ابن زيد : مخبولا ، لا عقل لك ، مقاتل : مغلوبا ، ابن كيسان : بعيدا عن الخيرات ، وروى سفيان بن حصين عن الحسن في قوله : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) قال [سلاحا] (٤) في القطيفة.
قال مجاهد : دخل موسى على فرعون في يوم شات وعليه قطيفة له فألقى موسى عصاه فرأى فرعون جانبي البيت بين [فقميها] ، ففزع فرعون وأحدث في قطيفته.
وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : كنت قائما على رأس المأمون وهو يناظر رجلا فسمعته يقول : يا مثبور ، ثم أقبل عليّ فقال : يا إبراهيم ما معنى : يا مثبور؟ قلت : لا أدري ، فقال : حدّثني الرشيد قال : حدّثني أمير المؤمنين المنصور فسمعته يقول لرجل يا مثبور ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ما معنى مثبور؟ قال : قال ميمون بن مهران قال ابن عباس في قوله : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) قال : ناقص العقل ، قال الفرّاء : يعني مصروفا ممنوعا من الخير ، والعرب تقول : ما ثبرك عن هذا الحق؟ أي ما منعك عنه وصرفك ، وثبره الله يثبره ومثبره وهو لغتان ، وقال ابن الزهري : الغليظ الأرب إذا بارى الشيطان في سنن الغي ومن مال ميله مثبور.
(فَأَرادَ) فرعون (أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) يعني يخرجهم ، أي بني إسرائيل (مِنَ الْأَرْضِ) أي أرض مصر والشام.
__________________
(١) راجع الثقات لابن حبان : ٧ / ٤٦١.
(٢) كذا في المخطوط ، وفي تفسير الطبري : مالكا ، كما عن مجاهد.
(٣) كذا في المخطوط ، وفي تفسير الطبري : مالكا ، كما عن مجاهد.
(٤) تفسير الطبري : ١٥ / ١٩.