من عجائب صنع الله ودلالات قدرته وحكمته. (مَنْ يَهْدِ اللهُ) أي يهده الله (فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا) معينا (مُرْشِداً) ؛ لأنّ التوفيق والخذلان بيد الله عزوجل.
(وَتَحْسَبُهُمْ) يا محمد (أَيْقاظاً) أي منتبهين ، جمع يقظ ويقظ مثل قولك : رجل نجد ونجد للشجاع ، وجمعه أنجاد ، (وَهُمْ رُقُودٌ) : نيام ، جمع راقد مثل قاعد وقعود ، (وَنُقَلِّبُهُمْ) ، وقرأ الحسن (وَنُقْلِبُهُمْ) بالتخفيف ، (ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) مرّة للجنب الأيمن ومرّة للجنب الأيسر. قال ابن عباس : كانوا ينقلبون في السنة مرة إلى جانب من جانب ، لئلا تأكل الأرض لحومهم. ويقال : إنّ يوم عاشوراء كان يوم تقليبهم. وقال أبو هريرة : كان لهم في كل سنة تقليبان. (وَكَلْبُهُمْ) ، قال ابن عباس : كان أنمر. وقال مقاتل : كان أصفر. وقال القرظي : شدة صفرته تضرب إلى الحمرة. الكلبي : لونه كالخلنج (١). وقيل : لون الحجر. وقيل : لون السماء.
وقال علي ابن أبي طالب رضياللهعنه : «كان اسمه ريان». وقال ابن عباس : قطمير. وقال الأوزاعي : نتوى. وقال شعيب الجبائي : حمران. عبد الله ابن كثير : اسم الكلب قطمور. [قال] (٢) السّدي : نون. عبد الله بن سلام : بسيط. كعب : أصهب. وهب : نقيا ، وقيل : قطفير.
عن عمر قال : إن مما أخذ على العقرب ألّا يضر بأحد في ليله ونهاره : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ) ، وإن مما أخذ على الكلب ألّا يضر من حمل عليه أن يقول : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).
وقرأ جعفر الصّادق (وكالبهم) يعني : صاحب الكلب.
(باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) ، قال مجاهد والضّحاك : الوصيد : فناء الكهف ، وهو رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال سعيد بن جبير : الوصيد الصعيد ، وهو التراب. وهذه رواية عطية العوفي عن ابن عباس. وقال السّدي : الوصيد الباب ، وهي رواية عكرمة عن ابن عباس ، وأنشد :
بأرض فضاء لا يسدّ وصيدها |
|
عليّ ومعروفي بها غير منكر (٣) |
أي بابها. وقال عطاء : الوصيد : عتبة الباب. وقال القتيبي الوصيد : البناء ، وأصله من قول العرب ، أصدت الباب وأوصدته ، أي أغلقته وأطبقته. (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً) ؛ لما ألبسهم الله تعالى من الهيئة حتى لا يصل إليهم واصل ، ولا تلمسهم يد لامس حتى يبلغ الكتاب أجله ، فيوقظهم الله من رقدتهم لإرادة الله عزوجل أن يجعلهم آية وعبرة لمن شاء من خلقه ؛ (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ) آتية (لا رَيْبَ فِيها) (٤).
__________________
(١) الخلنج : شجرة ، معرّب. هامش المخطوط.
(٢) ليس في النسخة المعتمدة.
(٣) تفسير القرطبي : ١٠ / ٣٧٣ ، وزاد المسير : ٥ / ٨٣.
(٤) سورة الكهف : ٢١.