بالكسر على الاستيناف (رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا) الذي ذكرت (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) يعني النصارى ، وانّما سمّوا أحزابا لأنّهم تجزأوا ثلاث فرق في أمر عيسى : النسطورية والملكانيّة والمار يعقوبية.
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) يعني يوم القيامة (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) يعني ما أسمعهم وأبصرهم ، على التعجّب ، وذلك أنهم سمعوا يوم القيامة حين لم ينفعهم السمع ، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر.
قال الكلبي : لا أحد يوم القيامة أسمع منهم ولا أبصر حين يقول الله سبحانه وتعالى لعيسى (أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ) الآية.
(يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أي فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار وذبح الموت (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) من الدنيا.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان قال : أخبرنا مكّي بن عبدان قال : حدّثنا (١) عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنّة والنار فيقال : يا أهل الجنّة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبّون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت فيؤمر به فيذبح ثمّ ينادي المنادي (٢) : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم» ، ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وأشار بيده في الدنيا (٣).
قال مقاتل : لولا ما قضى الله سبحانه وتعالى من تخليد أهل النار وتعميرهم فيها لماتوا حسرة حين رأوا ذلك.
(إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) أي نميتهم ويبقى الرب عزوجل فيرثهم.
(وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) فنجزيهم بأعمالهم.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣)
__________________
(١) في نسخة أصفهان : عبد الله بن حامد الوراق عن علي بن عبد الله عن.
(٢) في نسخة أصفهان : فيذبح فيقال.
(٣) مسند أحمد : ٣ / ٩ بتفاوت.