يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥))
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) مؤمنا موقنا صدوقا (نَبِيًّا) رسولا رفيعا (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) آزر وهو يعبد الأوثان (لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ) صوتا (وَلا يُبْصِرُ) شيئا (وَلا يُغْنِي عَنْكَ) لا ينفعك ولا يكفيك (شَيْئاً) يعني الأصنام (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ) والبيان بعد الموت وأنّ من غيره عذّبه (ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي) على ديني (أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) مستويا.
(يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) لا تطعه ، لم تصل ، له ولم تصم وإنّ من أطاع شيئا فقد عبده (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) عاصيا عاتيا ، وكان بمعنى الحال أي هو ، وقيل بمعنى : صار.
(يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ) أعلم (أَنْ يَمَسَّكَ) يصيبك (عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) لقوله : (إِلَّا أَنْ يَخافا) (١) وقوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما) (٢) وقيل : معناه إنّي أخاف أن ينزل عليك عذابا في الدنيا (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) قرينا في النار ، فقال له أبوه مجيبا له (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) تارك عبادتهم وزاهد فيهم (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) لئن لم تسكت وترجع عن مقالتك (لَأَرْجُمَنَّكَ) قال الضحاك ومقاتل والكلبي : لأشتمنّك ، وقال ابن عباس : لأضربنّك ، وقيل لأظهرنّ أمرك (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) قال الحسن وقتادة وعطاء : سالما ، وقال ابن عباس : واعتزلني سالم العرض لا يصيبنّك منّي معرّة ، وقال الكلبي : اتركني واجتنبني طويلا فلا تكلّمني ، وقال سعيد بن جبير : دهرا ، وقال مجاهد وعكرمة : حينا ، وأصل الحرف المكث ، ومنه يقال : تملّيت حينا ، والملوان الليل والنهار.
(قالَ) إبراهيم (سَلامٌ عَلَيْكَ) أي سلمت منيّ لا أصيبك بمكروه (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) قال ابن عباس ومقاتل : لطيفا رحيما ، وقيل : بارّا ، وقال مجاهد : عوّده الإجابة ، وقال الكلبي : عالما يستجيب لي إذا دعوته.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة : ٢٢٩.