وقرأ أبو الشامي : تنزيل بالرفع يعني هذا تنزيل (مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) يعني العالية الرفيعة وهو جمع العليا كصغرى وصغر وكبرى وكبر (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) يعني التراب الذي تحت الأرضين وهو التراب الندي ، تقول العرب : شبر ندىّ وسهر نديّ وسهر مرعىّ.
قال ابن عباس : الأرض على ظهر النون والنون على بحر وإنّ طرفي النون رأسه وذنبه يلتقيان تحت العرش على صخرة خضراء ، وخضرة السماء منها وهي الصخرة التي ذكرها الله تعالى في القرآن في قصة لقمان (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) الصخرة على قرن ثور ، والثور على الثرى (وَما تَحْتَ الثَّرى) لا يعلمه إلّا الله عزوجل ، وذلك الثور فاتح فاه فإذا جعل الله عزوجل البحار بحرا واحدا سالت في جوف ذلك الثور ، فإذا وقعت في جوفه يبست.
(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) تعلن (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى).
أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا حامد (١) أخبرنا بشر بن موسى عن عبد الله بن صالح العجلي ، حدّثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة (٢) عن ابن عباس في قوله (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) قال : وأخفى حديث نفسك نفسك.
وأخبرني عبد الله بن حامد عن أبي الطاهر محمد بن الحسن ، حدّثنا إبراهيم بن أبي طالب عن محمد بن النعمان بن مسيل ، حدّثنا يحيى بن أبي روق عن أبيه عن الضحاك عن ابن عباس قال : السرّ ما أسررت في نفسك ، وأخفى أخفى من السّر ، ما ستحدّث به نفسك ، ما لا تعلم أنّك تحدّث به نفسك.
وروى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : السر ما تسرّ في نفسك ، وأخفى من السرّ ما لم يكن وهو كائن ، قال : وأنت تعلم ما تسرّ اليوم ولا تعلم ما تسرّ غدا ، والله عزوجل يعلم ما أسررت اليوم وما تسرّ غدا.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : السرّ ما أسرّ ابن آدم في نفسه ، وأخفى ما خفي على ابن آدم ممّا هو فاعله قبل أن يعلمه ، فالله يعلم ذلك كله ، فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد ، وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة.
وقال مجاهد : السرّ العمل الذي يسرّون من الناس ، وأخفى الوسوسة ، وقال زيد بن أسلم : معناه يعلم أسرار العباد ، وأخفى سرّه فلا يعلم.
وقال الحسن : السرّ ما أسرّ الرجل إلى غيره ، وأخفى من ذلك ما أسرّه في نفسه.
__________________
(١) في نسخة أصفهان زيادة : بن محمد.
(٢) في نسخة أصفهان زيادة : وأخبرنا حامد بن محمد عن أبي الأحوص.