يدل عليه ما روى قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «بينما أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبرئيل بالبراق ...» وذكر حديث المعراج [١٦] (١).
وقال الآخرون : عرج برسول الله صلىاللهعليهوسلم من دار أم هاني بنت أبي طالب أخت علي رضياللهعنه وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي.
وقالوا : معنى قوله (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) من الحرم ، لأن الحرم كله مسجد.
يدل عليه ما روى الكلبي عن أبي صالح عن باذان عن أم هاني بنت أبي طالب أنها كانت تقول : ما أسرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة فصلى في بيتي العشاء الآخرة فصليت معه ، ثمّ قمت فنمت وتركته في مصلاه فلم انتبه حتّى أنبهني لصلاة الغداة ، قال : «قومي يا أم هاني أحدثك العجب» [١٧].
فقلت : كل حديثك العجب بأبي أنت وأمي فقام وصلى الغداة فصليت معه فلما انصرف قال : «يا أم هاني لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بعد نومك ثمّ أتاني جبرئيل وأنا في مصلاي هذا فقال : يا محمّد أخرج فخرجت إلى الباب فإذا بملك راكب على دابة فقال لي : اركب فركبت فسارت بي إلى بيت المقدس ، فإذا أتيت على واد طالت يدا الدابة وقصرت رجلاها ، فإذا أتيت على عقبة طالت رجلاها وقصرت يداها حتّى إذا انتهيت إلى بيت المقدس فصليت فيه ثمّ صليت صلاة الغداة معكم الآن كما تروني» (٢).
قال مقاتل : كانت ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة.
(إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) يعني بيت المقدس ، سمّي أقصى لأنه أبعد المساجد التي تزار (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) بالماء والأنهار والأشجار والثمار.
وقال مجاهد : سمّاه مباركا لأنه مقرّ الأنبياء ، وفيه مهبط الملائكة والوحي ، وهو الصخرة ، ومنه يحشر الناس يوم القيامة.
(لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) عجائب أمرنا (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وأما حديث المسرى ، فاقتصرت به على الأخبار المأثورة المشهورة دون المناكير والأحاديث الواهية الأسانيد وجمعتها على نسق واحد مختصر ، ليكون أعلى في الاستماع وأدنى إلى الانتفاع ، وهو ما روى الزهري عن ابن سلمة بن عبد الرحمن قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) راجع الدر المنثور : ٤ / ١٥٧ ، وتاريخ بغداد : ١١ / ٢٥٧.
(٢) مجمع الزوائد : ١ / ٧٧ ، والمعجم الأوسط : ٤ / ١٦٥.