وروى السدي عن محمّد بن السائب عن باذان عن ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوسلم : دخل كلام بعضهم في بعض قالوا : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما كانت ليلة أسري بي وأنا بمكة بين النائم واليقظان ، جاءني جبرئيل عليهالسلام فقال يا محمّد قم فقمت فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل فقال جبرئيل لميكائيل : ائتني بطشت من ماء زمزم لكيما [وعطر قلبه] (١) وأشرح له صدره قال : فشق بطني فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طشات من ماء زمزم ، فشرح صدري ونزع ما كان فيه من غل وملاه حلما وعلما وإيمانا وختم بين كتفيّ بخاتم النبوة ، ثمّ أخذ جبرئيل بيدي حتّى انتهى بي إلى سقاية زمزم فقال لملك : ائتني بنور من ماء زمزم ومن ماء الكوثر ، فقال : توضأ فتوضأت ثمّ قال لي : انطلق يا محمّد. قلت : إلى اين؟ قال : إلى ربك ورب كل شيء ، فأخذ بيدي وأخرجني من المسجد فإذا أنا بالبراق ـ دابة فوق الحمار ودون البغل ـ خدّه كخد الإنسان وذنبه كذنب البعير وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم الإبل وأظلافه كأظلاف البقر وصدره كأنه ياقوتة حمراء وظهره كأنه درة بيضاء عليه رحل من رحائل الجنة ، وله جناحان في فخذيه يمر مثل البرق خطوة منتهى طرفه فقال لي : اركب ، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام.
قال : فلما وضعت يديّ عليه شمس (٢) واستعصى عليّ ، فقال جبرئيل : مه يا براق ، فقال البراق : يا جبرئيل [مس ظهري] (٣) فقال جبرئيل : هل مسست [ظهرا] (٤) قال : لا والله إلّا إني مررت يوما على [نصاب إبل] فمسحت يدي على رؤسهما وقلت : إن قوما يعبدونكما من دون الله ضلال. فقال جبرئيل : يا براق أما تستحي فوالله ما ركبك مذ كنت قط نبي أكرم على الله من محمد صلىاللهعليهوسلم قال : فارتعش البراق وأنصب عرقا حياء مني ، ثمّ خفض لي حتى لزق بالأرض ، فركبته واستويت عليه قام بي جبرئيل نحو المسجد الأقصى بخطوا البراق مدّ البصر يرسل إلى جنبي لا يفوتني ولا أفوته حينا أنا في مسيري إذا جاءني نداء عن يميني قال : يا محمّد على رسلك أسلك بقولها ثلاثا فلم أرفق عليه ثمّ مضيت حتّى جاوزته ، فإذا أنا بامرأة عجوز رفعت لي عليها من كل زينة وبهجة تقول : يا محمّد إليّ ، فلم ألتفت إليها وقلت : يا جبرئيل من هذا الذي ناداني عن يميني؟ فقال : داعية اليهود والذي نفسي بيده لو أجبته لتهودت أمتك من بعدك والذي ناداك من يسارك داعية النصارى ، والذي نفسي بيده لو أجبت لتنصّرت أمتك من بعدك ، فأما التي رفعت لك بهجتها وزينتها فهي الدنيا لو التويت إليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة.
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) شمست الدابة : شردت وجمحت وضعت ظهرها.
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) هكذا في الأصل.