(لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ. خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ) يجادل بالباطل (مُبِينٌ) نظيره قوله : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (١) نزلت هذه الآية في أبي بن خلف الجمحي حين جاء بالعظم الرميم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمّد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ؟ نظيرها قوله : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) (٢) إلى آخر السورة نزلت في هذه القصة أيضا.
(وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) يعني الإبل والبقر والغنم (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) يعني من أوبارها وأصوافها وأشعارها ملابس و [لحفا] وقطن يستدفئون (وَمَنافِعُ) بالنسل والدرّ والركوب والحمل وغيرها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) يعني لحومها (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ) أي حين يردّونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوى إليها. يقال : أراح فلان ماشيته يريحها إراحة ، والمكان الذي يراح إليه : مراح.
(وَحِينَ تَسْرَحُونَ) اي يخرجونها بالغداة من مراعيها إلى مسارحها. يقال : سرّح ماشيته يسرّحها سرحا وسروحا إذا أخرجها للرعي ، وسرحت الماشية سروحا إذا رعت.
قال قتادة : وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالا أسنمتها.
(وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ) آخر غير بلدكم.
عكرمة : البلد مكة.
(لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) أي تكلفتموه (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ).
قرأه العامّة : بكسر الشين ، ولها معنيان : أحدهما : الجهد والمشقة.
والثاني : النصف ، يعني (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) من القوة وذهاب شق منها حتّى لم تبلغوه إلّا بنصف قوى أنفسكم وذهاب نصفها الآخر.
وقرأ أبو جعفر : بِشَقِّ بفتح الشين. وهما لغتان مثل برَق وبرِق ، وحَصن وحصِن ، ورطل ورطل.
وينشد قول النمر بن تولب : بكسر الشين.
وذي إبل يسعى ويحسبها له |
|
أخي نصب من شقها ودؤوب (٣) |
ويجوز أن يكون بمعنى المصدر من شققت عليه يشق شقا.
__________________
(١) سورة النساء : ١٠٥.
(٢) سورة يس : ٧٧.
(٣) لسان العرب : ١٠ / ١٨٤.