أصحابه فقال : يا رسول الله إنّي جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع أهلي ، رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أتاه به وثقل عليه جدّا حتى عرف ذلك في وجهه.
فقال هلال : والله يا رسول الله إني لأرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم أني صادق وما قلت إلّا حقّا وإنّي لأرجو أن يجعل الله فرجا ، فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضربه.
قال : واجتمعت الأنصار فقالوا : ابتلينا بما قال سعد ، أيجلد هلال وتبطل شهادته؟ فإنّهم لكذلك ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أنّ الوحي قد نزل حتى فرغ ، فأنزل الله سبحانه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) إلى آخر الآيات.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبشر يا هلال فإنّ الله قد جعل لك فرجا» ، فقال : قد كنت أرجو بذلك من الله تعالى.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أرسلوا إليها» ، فجاءت فلمّا اجتمعا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم قيل لها ، فكذّبت.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله يعلم أنّ أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب؟».
فقال هلال : يا رسول الله بأبي وأمّي لقد صدقت وما قلت إلّا حقّا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لاعنوا بينهما» ، فقيل لهلال : اشهد ، فشهد (أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) ، فقيل له عند الخامسة : يا هلال اتّق الله فإنّ عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة (١) ، فقال هلال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فشهد الخامسة (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ).
ثم قال للمرأة : اشهدي فشهدت (٢) الخامسة (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ، ففرّق رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهما وقضى أن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن جاءت به كذا وكذا] فهو لزوجها ، وإن جاءت به كذا وكذا] فهو للذي قيل فيه» [٢٠] (٣).
__________________
(١) في النسخة الثانية زيادة : وأن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه الخامسة هي الموجبة التي توجب عليك العذاب.
(٢) في النسخة الثانية زيادة : (أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ، فقال لها عند الخامسة ووفقها : اتقي الله فإن في الخامسة موجبة ، وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس فتلكّأت ساعة وهمت بالاعتراف ، ثم قالت : والله لا أفضح قومي فشهدت.
(٣) تفسير الطبري : ١٨ / ١٠٨ وما بين معكوفين منه وهو موافق لما في النسخة الثانية (أصفهان)