ثمّ اعلم أنّ المستفاد ممّا دلّ على كون المسح ببقيّة ماء الوضوء ، [و] المتبادر منه تأثير المسح في المحلّ ، وهو ذخيرة العلّامة في «النهاية» (١) ، بل ظاهر الأصحاب ذلك.
وأيضا ظاهره الكون بباطن الكفّ ، لكن عند التعذّر يمسح بالظاهر ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، وللاستصحاب.
قوله : (إن لم يبق). إلى آخره.
ظاهره اشتراط الجفاف في اليد ، كما هو ظاهر غير واحد من عبارة الأصحاب ، وظاهر كثير من الأخبار التي أوردنا لكون المسح ببقيّة البلل.
منها ما أمروا فيه بكون المسح ببقيّة ما بقي في اليد (٢) ، ومنها مقتضى الوضوءات البيانيّة (٣) ، لكن في بعض الأخبار الأمر بالمسح بنداوة الوضوء وبلّته (٤) ، فيحمل المطلق على المقيّد.
وفي «المدارك» : إنّ التعليق في عبارات الأصحاب مخرج مخرج الغالب ، ولا يختصّ الأخذ بهذه المواضع ، بل يجوز من جميع محال الوضوء (٥) ، انتهى.
أقول : لا معنى للخروج مخرج الغالب إذا كان الأخذ مطلقا جائزا ، والرخصة من الشرع حاصلة ـ فتأمّل جدّا ـ إذ هؤلاء الأصحاب ليس عادتهم نقل متون الأخبار ، بل التحقيق والإفتاء بما حقّقوا ، فلو كان الظاهر عليهم عدم اشتراط الجفاف لصرّحوا بذلك وأفتوا كذلك ، لا أن يكون عباراتهم صريحة في
__________________
(١) نهاية الإحكام : ١ / ٤٥.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٣٨٧ الباب ١٥ من أبواب الوضوء.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٦ الحديث ١٣٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٩١ الحديث ١٠٢٧.
(٥) مدارك الأحكام : ١ / ٢١٣ و ٢١٤.