فلو لم يتحقّق إطاعة لم يتحقّق الخروج عن عهدة التكليف ، لأنّ المخرج عنها منحصر في الامتثال العرفي ، على ما هو محقّق ومسلّم عند الفقهاء في غير هذا الموضع من العبادات.
مثلا إذا طلب المولى من عبده مطلوبا معيّنا وطلب غير المولى بل عدوّ المولى من ذلك العبد ذلك المطلوب ، فأتى العبد بذلك المعيّن لا من جهة أنّه لمولاه ، بل من جهة أنّه لعدوّ مولاه ، وربّما يريد بذلك قتل مولاه ، فأتى به لأجل تحقّق قتل مولاه ، فكيف يعدّ في العرف ممتثلا ولا يعدّ عاصيا؟ سواء علم أنّ مولاه أيضا طلبه أو لم يعلم.
أمّا عدم إطاعته ؛ فظاهر ، لأنّ مطلوب مولاه مغاير للمطلوب غيره أو عدوّه ، وإن كان مثله من دون تفاوت ، والتعيين إنّما يكون بنيّة العبد ، وبها يمتاز كلّ منهما عن الآخر ، فلو بنى العبد عند نفسه أنّ الذي يأتي به مطلوب غير مولاه ، وأنّه يفعل من حيث أنّه مطلوب غير المولى ، فلم يكن آتيا بمطلوب المولى عرفا ، فيكون تحت عهدة تكليف المولى حتّى يأتي بمطلوبه.
وأمّا عصيانه ؛ فلإتيانه للعدوّ وللغير بغير رخصة المولى ، سيّما إذا علم أنّ المولى أمر بالمخالفة ونهى عن المتابعة ، مثل ما ورد عنهم : «احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم» (١) ، و «جاهدوا أنفسكم» (٢) وغير ذلك.
بل ولو لم يأت بمطلوب المولى أصلا ، يكون عاصيا من هذه الجهة أيضا.
لكن هذا في العبادات التوقيفيّة ، لانحصار الخروج عن العهدة فيها بإتيان ما امر به والامتثال في ذلك ، إذ لو لم يمتثل ولم يطّلع عليها لم يتحقّق به مخرج عن
__________________
(١) الكافي : ٢ / ٣٣٥ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١٦ / ٥٧ الحديث ٢٠٩٧١.
(٢) تحف العقول : ١٥٢ ، بحار الأنوار : ٧٤ / ٢٩٢.