له : عبيد الله وعبد الله ، فقال لاصحابه في بيت تلك المرأة : إني قد أزمعت على الخروج وأنا خارج ، فقالوا له : إنا نخاف عليك أصحاب ابن زياد ..) (١).
وسنذكر صورة أخرى عن موقف زعماء البصرة من الشيعة في فصل آخر.
من أين جاء هذا الموقف الحذر عند البصريين ، والذي يتسم باللامبالاة عند الحجازيين ، في مقابل موقف الكوفيين الواضح ، المندفع؟
هل يكون الجواب أن الحجاز بعد أن لم يعد مركزا للخلافة الاسلامية لم يعد يهتم بالنشاط الذي يدور حولها وهي ، على كل حال ، ستكون في الشام أو في العراق ، هذا مضافا إلى سياسة معاوية التي جعلت النخبة الحجازية من قريش وغيرها تغرق في الترف واللهو الذين جعلاها تحاذر من أي نشاط يعرض ترفها للزوال ولهوها للكدر؟
وأن البصريين ، وهم طالما تنازعوا مع قبائل الكوفة حول من له حق جباية الخراج من كورة كذا أو كورة كذا (٢) لم يتحمسوا للمشاركة في ثورة
___________________
(١) الطبري : ٥ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.
(٢) كثيرا ما كان يحدث نزاع بين أهل الكوفة وأهل البصرة حول : أي المدينتين أحق بخراج بلد من البلاد المفتوحة. مثلا في سنة ٢٢ ه كتب عمر بن سراقة ـ وإلى البصرة ـ إلى عمر بن الخطاب يذكر له كثرة أهل البصرة وعجز خراجهم عنهم ويسأله أن يزيدهم أحد الماهين أو ما سبذان. وبلغ ذلك أهل الكوفة ، فقالوا لعمار بن ياسر ـ وكان واليا على الكوفة : أكتب لنا إلى عمر ان رامهرمز وايذج لنا دونهم ، لم يعينونا عليهما بشئ ، ولم يلحقوا بنا حتى افتتحناهما .. وكانت خصومة بين المدينتين أنهاهما عمر بن الخطاب ـ الطبري : ٤ / ١٦٠ ـ ١٦٢.
وقد تكررت هذه الخصومات بين الكوفة والبصرة كثيرا ، وعرض لها الطبري في أكثر من موضع من تاريخه.