سيؤدي نجاحها إلى تعزيز مركز الكوفة ، أما إخفاقها فسيجلب الخراب إلى المدينتين؟
وإذا لم يكن الجواب في تفاوت الهموم السياسية والاقتصادية لهاتين المدينتين ، فهل نجده في المناخ الثقافي؟
هل كان المناخ الثقافي للكوفيين يجعلهم أكثر ادراكا ووعيا للانحرافات عند الحاكمين ، وأكثر رغبة في التغيير من الحجازيين والبصريين الذين كانوا أكثر محافظة من الكوفيين.
يبدو أن معاوية بن أبي سفيان قد أدرك هذه الحقيقة ، أدرك هذه الروح الثورية ، ولكنه أدركها في العراق ، وليس في الكوفة وحدها ، فقال في وصيته لابنه يزيد : (وانظر أهل العراق ، فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل ، فإن عزل عامل أحب إلي من أن تشهر عليك مائة ألف سيف) (١).
أيكون العراق في وصية معاوية هوالكوفة؟ هذا ما نرجحه (٢).
وإذا لم يكن الجواب في الانتماء الثقافي فهل يكون في التاريخ القريب الذي يحمل البصريون صورته الدامية في معركة الجمل حين قمع الكوفيون بقيادة الامام علي تمرد البصريين على بيعة الامام بقيادة طلحة والزبير وأم المومنين عائشة؟.
وأخيرا هل يكون الجواب في الانتماء القبلي للسكان في المدينتين.
___________________
(١) الطبري : ٥ / ٣٢٣.
(٢) قال عمر بن الخطاب : (العراق بها كنز الايمان ، وهم رمح الله ، يجزون ثغورهم ويكفون الامصار) وهو يعني الكوفة. لاحظ ابن سعد : الطبقات ٦ / ١ وما بعدها.