قال أبو مخنف :
(كان الحسين لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوه حتى إذا انتهى إلى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة ، مقتل عبد الله بن بقطر ، وكان سرحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه قد أصيب ... فأتى ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة ، فأخرج للناس كتابا فقرأ عليهم.
(بسم الله الرحمن الرحيم) : أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل ، وهاني بن عروة ، وعبد الله بن بقطر ، وقد خذلتنا شعيتنا ، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام).
(فتفرق الناس عنه تفرقا ، فأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة (١). وإنما فعل ذلك لنه ظن أنما اتبعه
___________________
حاول رجال النظام اسباغ هذا المفهوم على ثورة الحسين منذ بداية المواجهة ، فعبيد الله بن زياد ـ على سبيل المثال ـ في أول خطبة خطبها في الكوفة ، بعد وصوله إليها من البصرة ، يطلب إلى موظفي الادارة الحكومية في الكوفة أن يكتبوا له من في عشائرهم ، من الحرورية وأهل الريب (الطبري : ٥ / ٣٥٩) والحرورية ـ كما نعلم إسم ثان للخوارج أطلق عليهم منذ معركة حروراء. ويقول ابن زياد لهاني بن عروة بعد القبض عليه وضربه ، حين أراد أن يستولي على سلاح أحد الشرطة ليدافع عن نفسه : (أحروري سائر اليوم ، أحللت بنفسك ، قد حل لنا قتلك ـ الطبري : ٥ / ٣٦٧).
وقد عرض العلامة الدكتور أسعد علي معنى للخروج في محاضرة ألقاها في قاعه الجمعية الخيرية الثقافية في الشياح بمناسبة عاشوراء وذلك مساء يوم الاثنين ـ ٢٠ / ١ / ١٩٧٥ ، وذلك عند الحديث عن كتاب الامام الحسين إلى أخيه محمد بن الحنفية ، وفيه (إني لم أخرج أشرا ، ولا بطرا .. وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ..) قال الدكتور أسعد علي في محاضرته : (فالخروج يعني تجاوز القول إلى الفعل ، عبر عن هذا التجاوز التنفيذي بفعل وصل فيه فاعله ، وبصيغة التقرير الذي يؤكد ما حصل فعلا : (خرجت)).
(١) في رواية الطبري عن أبي مخنف : (من المدينة) ونرجح أن هذا خطأ ، فأثبتنا نص ابن الاثير : ٣ / ٢٧٨.