إن أبا مخنف يتمتع بسمعة جيدة من حيث دقته وصدقه في أخباره التاريخية. وقد نقل أبو مخنف هذه الرواية بواسطة واحدة عن أحد أصحاب الحسين الذين قاتلوا معه إلى أن بقي من أصحابه رجلان ـ كما سنعرض لذلك فيما يأتي ـ وهو الضحاك بن عبد الله المشرقي ، وهو ، فيما يبدو ، رجل صارم وعملي ودقيق جدا ، فحين طلب الحسين منه النصرة أجابه إلى ذلك مشترطا أن يكون في حل من الانصراف عنه حين لا يعود قتاله مفيدا في الدفع عن الحسين ، وقد أجابه الحسين إلى شرطه فاشترك الضحاك في المعركة بصدق. إن هذه الملاحظة تبعث على الوثوق بدقته.
وهذه الرواية ، من حيث العدد والتأقيت والمكان ، تتفق مع روايات مؤرخين آخرين معاصرين للطبري أو متقدمين عليه.
منهم أبو حنيفة الدينوري ، قال : (... وعبا الحسين عليه السلام أيضا أصحابه ، وكانوا اثنين وثلاثين فارسا وأربعين راجلا) (١).
والدينوري يرجع إلى مصدر آخر غير مصدر أبي مخنف في روايته هذه.
ومنهم اليعقوبي ، قال : (. وكان الحسين في اثنين وستين أو اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته وأصحابه) (٢).
وثمة روايات لكتاب متأخرين توافق هذا العدد أهمها في نظرنا رواية
___________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٥٦.
(٢) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٣٠.