الشهادة في مدلولها القضائي ، هي إظهار الحقيقة لاجل إثباتها في صراع وخصومة بين شخصين أو جماعتين يختلفان ويتنازعان على حق من الحقوق يدعيه كل واحد منهما لنفسه ، فيأتي الشاهد ليظهر حقيقة الموقف.
ومن هنا فلابد أن يكون هذا الشاهد منفصلا عن الطرف المبطل الظالم ، أو المبطل المخطئ ، انفصالا تاما ، ومتحدا مع الطرف المحق اتحادا تاما ، لامن موقع ذاتي أو مصلحي ، وإنما من موقع موضوعي خالص ، لا مجال فيه لاية نزعة ذاتية ، إلا نزعة الانتصار للحق.
أما الشهادة في مدلولها الايماني الحضاري الاجتماعي في الصراع بين الحق والباطل ، وبين العدل والطغيان ، فإنها تحتوي المفهوم السابق للشهادة وتزيد عليه وتتجاوزه.
فمفهوم الشهادة هذا لا يمكن أن يحمله أي إنسان كما قلنا ، وإنما يمكن أن يبلغه فريق خاص من الناس.
ذلك لان الناس صنفان : فمن الناس من تكون حياته (فكره ذكاؤه شبكة علاقاته الاجتماعية ـ ثروته ـ قدرته الجسدية ـ حواسه). مسخرة لخدمة مصالحه الذاتية ، الشخصية والعائلية ، ويكون كل فعل من أفعاله مسخرا لخدمة ذاتية ، دون أن تكون ثمة أية رؤية للحياة وللمجتمع تتجاوز هذا الهدف ، وهذا الانسان هو ما اصطلحنا على تسميته في بعض أحاديثنا بالانسان «المسطح».
الانسان الذي تشغل حياته مساحة واسعة أو ضيقة من حياة الناس