حوله ، دون أن يكون لها أي عمق ، ودون أن يكون لها أية أبعاد أخرى في حياة الآخرين ، إنه يبادلهم المنافع ويبادلهم الخدمات ، ولكن من منطلق ذاتي محض ، لا ينظر إلى مصالحهم وإلى سعادتهم أو شقائهم ، وإنما ينظر فقط إلى مصلحته الخاصة.
قد يكون هذا الانسان صالحا بمقدار ما يكون عادلا ، وبمقدار ما يكون ملتزما بالقوانين ، ولكنه بالتأكيد ليس إنسانا رساليا ، ويستحيل عليه أن يكون شهيدا.
ومن الناس من يشارك الآخرين في حياته ، لا من منطلق ذاته ومصلحته ، وإنما من منطلق مصالح الآخرين وهمومهم ومصائرهم ، أي أنه يتجاوز ذاته نحو الآخرين ، ويجعل من حياته مشروعا عاما يخدم من خلاله الآخرين ، على خلاف الصنف الاول ، الذي لا تعدو حياته أن تكون مؤسسة خاصة مغلقة ، وهذا الانسان هو ما اصطلحنا على تسميته في بعض أحاديثنا بالانسان «المكعب».
إنه الانسان الذي تشغل حياته مساحة كبيرة أو صغيرة من حياة الآخرين ، ولكن لا من منطلق ذاتي ونفعي ، وإنما من منطلق غيري وتضحوي يجعل حياته مشاعا ، يعود بالنفع والخير على الآخرين ، الذين لا يرجو منهم نفعا ، ولاجزاء ولاشكورا.
إن حياته ذات أبعاد ، وأبعادها هي الآخرون. هذا الانسان ، هو إنسان صاحب قضية ، فحياته ذات بعد معنوي تشكله القضية ، وحياته غنية بمقدار ما في قضيته من غنى ، ونبيلة بمقدار ما في قضيته من صوابية