وكذا الطبيب يبدأ بالاسهال لاخراج العفونات وإزالة الاخلاط المضرة ثم يبادر بعده بما يكون موجبا لصلاح البدن وقوه الأعضاء فما لم يخل البدن من العفونات لا ينفعه اصلاح الغذاء وما لم ينق الثوب من الوسخ والدسم لا يشرق عليه نور الصبغ.
وكذلك القلب ما لم ينق من الحرص وسوره الغضب وتقاضي الشهوة لم يكن محلا لاشراق الأنوار الإلهية بل لم يصلح لخدمه الربوبية.
١ ـ فقد روي فيما أوحى الله تعالى إلى موسى (ع) اقبل صلاه من تواضع لعظمتي ولم يتعظم على خلقي وقطع نهاره بذكرى والزم نفسه (١) خوفي وكف نفسه الشهوات من اجلى (٢).
بل لا يجد الانسان مع هذه الرذائل نفسه اقبالا على الحق فضلا عن اقبال الحق عليه بل ينفر وظائف الخدمة ويستنكرها بل ربما يسمع قارئا أو داعيا فاستوخمه وأحب سكوته كما يستوخم العين الرمدة ضوء الشمس والفم السقيم طعم الماء العذب
٢ ـ قال عيسى (ع) : بحق أقول لكم كما نظر المريض إلى الطعام فلا يلتذ به من شده الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حلاوة الدنيا.
بحق أقول لكم : [كما] (٣) أن الدابة إذا لم تركب وتمتهن (٤) تصعبت وتغير خلقها كذلك القلوب (٥) إذا لم ترقق بذكر الموت وبنصب العبادة تقسو وتغلظ.
__________________
١ ـ في الجواهر السنية : قلبه.
٢ ـ عنه في الجواهر السنية : ص ٧٥.
٣ ـ من عدة الداعي والبحار.
٤ ـ في الاصل : وتمهن ، وما أثبتناه عن عدة الداعي والبحار.
٥ ـ في الاصل : القلب ، وما أثبتناه عن عدة الداعي والبحار.