وبحق أقول لكم ان الزق (١) إذا لم ينخرق يوشك يكون وعاء العسل كذلك القلوب ما لم تخرقها الشهوات أو يدنسها الطمع أو يقسيها النعيم فسوف تكون أوعية الحكمة (٢).
٣ ـ وروى فيما أوحى الله تعالى إلى داود يا داود حذر (٣) وأنذر أصحابك من كل الشهوات فإن القلوب المتعلقة بشهوات الدنيا عقولها محجوبة عنى (٤).
٤ ـ وفي الحديث من اكل طعاما للشهوة حرم على قلبه الحكمة.
ويحتاج صاحبها إلى ثلاثة أشياء :
الأول : قطع الطمع عن الخلق.
الثاني : ان ييأس من شئ ويأنس بالله سبحانه كما سيجئ في صفاتهم حتى قال قائلهم :
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى |
|
وصوت انسان فكدت أطير |
الثالث : الهيبة بحيث لا يجرأ الراغب في الدنيا ان يذكر بين يديه شيئا منها فربما ثارت نفسه وانبعثت ارادته وانتعشت شهواته فيحتاج قسرها وتأديبها ومجاهدتها وفي ذلك شغل شاغل له.
٥ ـ ولقد كان رسول الله (ص) حين يدخل إحدى زوجاته فيجد على بابها الستر وفيه التصاوير فيقول غيبيه عنى فانى إذا نظرت إليه ذكرت وزخارفها (٥).
__________________
١ ـ الزق (بالكسر) : السقاء أو جلد يجز ولا ينتف للشراب أو غيره (مجمع البحرين).
٢ ـ أخرجه في البحار : ١٤ / ٣٢٥ ح ٣٩ عن عدة الداعي : ص ٩٦ مثله ، وفي ص ٣٠٧ و ٣٠٩ و ٣١٠ عن تحف العقول : ص ٥٠٤ و ٥٠٦ و ٥٠٧ في ضمن حديث.
٣ ـ في الجواهر السنية : احذر.
٤ ـ عنه في الجواهر السنية : ص ٨٩ ، وأخرجه في البحار : ١٤ / ٣٩ ح ١٩ عن الاختصاص : ص ٣٣٠ مختصراً مع اختلاف يسير.
٥ ـ أورد نحوه في نهج البلاغة : ضمن خطبة ١٦٠ ص ٢٢٨.