وللمسلمين) وصرح ب (لا أدري ما يفعل بي) ، وهذه ليست عبارات من يرغب في خلافة أو ولاية ، بل هي تشير إلى الظروف ، وكأني به عليه السلام يقول للمأمون : إن الله يعلم ما تخفي في صدورك ، إنك جعلت ولاية عهدك إلي إن بقيت بعدك والله يعلم أنك لا تريد أن أبقى بعدك ، إذ لو كنت صادقا في استحقاقي الخلافة فلماذا لا تتنازل عنها وتوليها من هو أحق بك ، وما هذا التناقض بين استبقاء الخلافة لنفسك وولاية العهد لغيرك؟
وأشار إلى أنها ولاية مفروضة بقوله عليه السلام : «ولكني امتثلت [أمر] أمير المومنين وآثرت رضاه».
ويصدق كل ذلك : الاحداث اللاحقة ، فإنه لم يكن بين تأريخ ولاية العهد في محرم سنة ٢٠٢ ه وبين وفاة الامام عليه السلام بالسم في ٢١ رمضان سنة ٢٠٣ إلا عام وثمانية أشهر ، وأستنفذ المأمون طاقاته في ضرب العلويين الثائرين بفرض الولاية على الامام ، ورفع شعار الخضرة ، لاغفال الجمهور ، وبعد ذلك لعب دوره في استرضاء العباسيين الناقمين ، بقتل الامام عليه السلام.
ونكتفي في حياة الامام عليه السلام بما حكاه الرافعي عن الحسن بن هاني أبو نؤاس الشاعر :
قيل لي : أنت واحد الناس في |
|
كل كلام من المقال بديه |
لك في جوهر الكلام بديع |
|
يثمر الدر في يدي مجتنيه |
فعلى م تركت مدح ابن موسى |
|
بالخصال التي تجمعن فيه |
قلت : لا أهتدي لمدح إمام |
|
كان جبرئيل خادما لابيه (١) |
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٨٩.