فضحك الشعبي وقال : لقد كان في صدر عمر ضبّ ـ أي حقد ـ على أبي بكر. فقال الأزدي : والله ما رأينا ولا سمعنا برجل قطّ كان أسلس قيادا لرجل ولا أقول بالجميل فيه من عمر في أبي بكر.
فأقبل عليّ الشعبي فقال : هذا ممّا سألت عنه.
ثم أقبل على الرجل فقال : يا أخا الأزد! كيف تصنع بالفلتة التي وقى الله شرّها! أترى عدوّا يقول في عدوّ يريد أن يهدم ما بنى لنفسه في الناس أكثر من قول عمر في أبي بكر؟!
فقال الرجل : سبحان الله يا أبا عمرو! وأنت تقول ذلك.
فقال الشعبي : أنا أقوله ، قاله عمر بن الخطاب على رءوس الأشهاد ، فلمه أودع ، فنهض الرجل مغضبا وهو يهمهم بشيء لم أفهمه (١).
وهذه الكلمات تكشف بوضوح عن أنّ المداراة والمصانعة والتقية كانت سيرة الصحابة مع من ظاهره الاسلام وفي بلد المسلمين.
فهل بعد هذا تكون التقيّة محرماً ، وبالرغم من وجودها في سيرة الصحابة المرضيّة عندهم وكالنجوم لديهم؟!
__________________
١. شرح النهج : ج ٢ ، ص ٢٩.