ويقيم العدل ويمحو الظلم في العباد والبلاد.
وكذلك شهداء مرج عذراء حجر بن عدي الكندي وأصحابه الذين فتك بهم معاوية عداء للدين ، وكذلك ميثم التمّار ونظائره الذي شنقهم ابن زياد حقداً على الحق ، فانهم حفظوا بشهادتهم الدين ، وأقاموا بتفدياتهم الحق وعلّموا الانسان الصمود في احقاق الحق وابطال الباطل ، ولم يكن هناك سبيل إلى التقية ، وقد مرّ ذكرهم.
والحاصل أنّ العقل يحكم بداهةً بلزوم حفظ النفس بالتقيّة إذا كانت تذهب هدراً عند ترك التقيّة.
فالتقيّة إذاً ممّا قامت عليها الأدلّة القطعيّة ، وساندها الدليل الشرعي والبرهان العقلي واستقلّها الفطرة السلمية ، والجبلّة الانسانيّة.
كلمةٌ لابدّ منها :
بعد التعرّف على الدراسة المتقدّمة نعرف أنّ علماء الشيعة الأبرار لاحظوا في التقيّة خصوصيّات الموارد ، واختلاف المقامات ، فأعطوا كلّ مقام حقّه ، وحكموا في كلّ موردٍ بما يناسبه من الحكم الشرعي الاتقائي أو الجهادي.
وعلى هذا الصعيد الحكيم لم يقولوا بالتقيّة في كلّ مقام ، بل عملوا بالتقيّة في الموارد التي تستوجبها كما لو لزم منها حفظ ، كمورد حفظ النفس عن التلف ، وحفظ العرض عمّا ينافي الشرك .. ونحو ذلك.
لذلك فاخبار الصلاة معهم واردة مورد وجود الضرر والخوف بتركها.
كما يظهر ذلك في حديثها المشتمل على حصول المذلة في حال ترك مخالطتهم والصلاة معهم ، ففي حديث عبد الله بن سنان عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : اوصيكم بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافهم فتذلّوا ، إنّ الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا).