إلى خير منقلبٍ ، والله لك بالمرصاد.
فهذا لك ـ يا معاوية! ـ خاصّةً وما أمسكت عنه من مساويك وعيوبك فقد كرهت به التّطويل.
وأمّا أنت يا عمرو بن عثمان! فلم تكن حقيقاً لحمقك أن تتبّع هذه الأُمور ، فإنّما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنّخلة : استمسكي فإنّي أُريد أن أنزل عنك.
فقالت لها النّخلة : ما شعرت بوقوعك فكيف يشقُّ عليّ نزولك.
وإنّي ـ والله ـ ما شعرت أنّك تحسن أن تعادي لي فيشقّ عليّ ذلك.
وإنّي لمجيبك في الّذي قلت : إنّ سبّك عليّاً أبنقصٍ في حسبه أو تباعده من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بسوء بلاءٍ في الإسلام ، أو بجورٍ في حكمٍ ، أو رغبةٍ في الدّنيا ، فإن قلت واحدةً منها فقد كذبت.
وأمّا قولك : إنّ لكم فينا تسعة عشر دماً بقتلى مشركي بني أميّة ببدرٍ ، فإنّ الله ورسوله قتلهم ولعمري ليقتلنّ من بني هاشمٍ تسعة عشر وثلاثةٌ بعد تسعة عشر ثمّ يقتل من بني أميّة تسعة عشر وتسعة عشر في موطنٍ واحدٍ سوى ما قتل من بني أميّة لا يحصي عددهم إلّا الله .. إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا بلغ ولد الوزغ ثلاثين رجلاً أخذوا مال الله بينهم دولاً وعباده خولاً ، وكتابه دغلاً ، فإذا بلغو ثلاثمائةٍ وعشراً حقّت عليهم اللّعنة ولهم ، فإذا بلغوا أربعمائةٍ وخمسةً وسبعين كان هلاكهم أسرع من لوك تمرةٍ ، فأقبل الحكم بن أبي العاص وهم في ذلك الذّكر والكلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اخفضوا أصواتكم فإنّ الوزغ يسمع .. وذلك حين رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن يملك بعده منهم أمر هذه الأمّة يعني في المنام فساءه ذلك وشقّ عليه ، فأنزل الله عزّوجلّ في كتابه : (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ).
وأنزل أيضاً : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) فأشهد لكم وأشهد عليكم ما سلطانكم